أعلن اتحاد الغرف السعودية رسميًا عن تشكيل مجلس الأعمال السعودي-الهولندي في دورته التأسيسية للسنوات (1446 - 1450هـ)، بعد موافقة هيئة التجارة الخارجية، وتعيين الدكتور عبدالرحمن أحمد المفرح رئيسًا للمجلس، إلى جانب انتخاب المهندس خالد عبدالمحسن الثميري والمهندس وليد أمين إبراهيم سمان نائبين للرئيس، في خطوة تعكس توجه المملكة نحو تعزيز الشراكات الدولية مع الاقتصادات الأوروبية المتقدمة، وفتح آفاق أوسع للتعاون التجاري والاستثماري.
وفي تصريح رسمي، أوضح الدكتور عبدالرحمن المفرح أن المجلس يمثّل مرحلة مفصلية في تطور العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية ومملكة هولندا، وذلك من خلال إطلاق منصة مؤسسية تهدف إلى تمكين قطاعي الأعمال في البلدين، وتسهيل استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة، وبناء شراكات استراتيجية مستدامة ترتكز على المصالح المشتركة، وأشار إلى أن الاجتماع التأسيسي الأول للمجلس ناقش عددًا من المحاور المهمة، على رأسها وضع مستهدفات دقيقة، وصياغة خطة عمل استراتيجية قابلة للتنفيذ، يتم العمل على تطبيقها بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، بما يسهم في تهيئة بيئة استثمارية محفزة ومرنة تدعم تطور التبادل التجاري بين الجانبين.
ولفت المفرح إلى أن خطة العمل القادمة ستركّز بشكل مباشر على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية في البلدين، ولاسيما في إطار رؤية المملكة 2030، مثل الطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، والصناعات الغذائية، والخدمات اللوجستية، والتقنية الزراعية، وغيرها من المجالات التي تملك فيها المملكة وهولندا خبرات متكاملة وإمكانات متبادلة، وأضاف أن المجلس سيعمل على تعريف رجال الأعمال والمستثمرين الهولنديين بالفرص النوعية التي توفرها السوق السعودية، والاستفادة من البنية التحتية الاقتصادية المتقدمة، والمزايا التنافسية، والحوافز التي تقدمها الحكومة السعودية لجذب الاستثمارات الأجنبية، فضلًا عن تعزيز التفاهم والتقارب بين مجتمعات الأعمال، وتوفير قنوات مباشرة للتواصل وتبادل الخبرات.
وتجدر الإشارة إلى أن تشكيل المجلس يأتي تتويجًا للاتفاقية التي وُقّعت بين اتحاد الغرف السعودية ونظيره مجلس أعمال هولندا في أبريل 2024، والتي هدفت إلى إنشاء مجلس أعمال مشترك يمثل منصة حيوية لأصحاب الأعمال من كلا البلدين، ويعكس الاهتمام المتزايد بتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين السعودية وأوروبا الشمالية، وتُعد هولندا واحدة من أهم الشركاء التجاريين الأوروبيين للمملكة، وتتميز بعلاقات تجارية تمتد لعقود، حيث تستورد المملكة عددًا من المنتجات الهولندية أبرزها التقنيات الزراعية، والمعدات الصناعية، والأدوية، كما تصدّر إليها المواد البتروكيماوية، والمنتجات النفطية، وغيرها من السلع ذات القيمة الاقتصادية.
وفي ظل التحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم، وتنامي التحديات المرتبطة بسلاسل الإمداد، والطاقة، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، يمثل مجلس الأعمال السعودي-الهولندي أداة استراتيجية لاستثمار الفرص الناشئة، وتفعيل الشراكات المستدامة، وخاصة في المجالات التي تتطلب تعاونًا دوليًا طويل الأمد، مثل التقنية، والابتكار، والاقتصاد الدائري، ومن المتوقع أن يسهم المجلس في تنظيم ملتقيات اقتصادية مشتركة، وورش عمل، وزيارات متبادلة لوفود رجال الأعمال، فضلاً عن إعداد دراسات سوقية متخصصة، وتسهيل التواصل مع الجهات الحكومية، وتذليل العقبات أمام دخول الاستثمارات، سواء من الجانب السعودي أو الهولندي.
وتعكس هذه الخطوة اهتمام المملكة بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية، والتوسع في بناء مجالس أعمال ثنائية مع مختلف دول العالم، ضمن إطار مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد، وزيادة مساهمة القطاع الخاص، وتحسين البيئة الاستثمارية، وجذب الخبرات العالمية، وكان اتحاد الغرف السعودية قد شهد خلال السنوات الأخيرة نشاطًا ملحوظًا في إنشاء وتفعيل مجالس الأعمال الثنائية، حيث تجاوز عددها 50 مجلسًا مع مختلف الدول، تؤدي دورًا محوريًا في دعم التبادل التجاري، وفتح قنوات جديدة للشركات السعودية في الأسواق الخارجية.
ومع انطلاق أعمال المجلس الجديد، تتجه الأنظار إلى النتائج المنتظرة من هذه المبادرة، والتي من شأنها أن تفتح آفاقًا واعدة لتعزيز الصادرات السعودية إلى السوق الأوروبية، وزيادة الاستثمارات الأجنبية في المشاريع الكبرى بالمملكة، وعلى رأسها مشاريع نيوم، والبحر الأحمر، والقدية، وغيرها من المبادرات النوعية التي تتطلب شراكات دولية راسخة، وفي المقابل، يجد المستثمرون الهولنديون فرصًا حقيقية للتوسع في السوق السعودي، الذي يُعد من أكبر الأسواق في منطقة الشرق الأوسط، بفضل حجمه السكاني، واستقراره الاقتصادي، والتشريعات الجاذبة، وتوفر القوى العاملة المؤهلة.