في ليلة كروية حافلة بالإثارة والحماس على أرضية ملعب "بارك دي برانس"، حسم نادي باريس سان جيرمان الفرنسي بطاقة التأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بعد تفوقه المستحق على ضيفه آرسنال الإنجليزي بنتيجة (2 - 1)، في إياب نصف نهائي البطولة القارية، ليبلغ مجموع المباراتين (3 - 1) لصالح الفريق الباريسي، الذي يحجز مقعده في النهائي للمرة الثانية في تاريخه.
وسجّل هدفي باريس سان جيرمان كلٌّ من الإسباني فابيان رويز عند الدقيقة (27)، والمغربي أشرف حكيمي عند الدقيقة (72)، بينما جاء هدف آرسنال الوحيد عن طريق الشاب الإنجليزي بوكايو ساكا عند الدقيقة (76)، في مباراة جاءت قوية وسريعة، وعبّرت عن طموح الفريقين في ملامسة الكأس ذات الأذنين.
وهذا التأهل يُعد إنجازًا مهمًا للفريق الباريسي الذي ظل لسنوات يبحث عن المجد الأوروبي، رغم استثمارات ضخمة وأسماء لامعة ضمّها في تشكيلته، وكان آخر ظهور للفريق في نهائي دوري أبطال أوروبا في موسم 2019-2020، حين خسر أمام بايرن ميونخ الألماني بهدف دون رد، في نهائي أُقيم خلف أبواب مغلقة بسبب جائحة كورونا، واليوم، يعود الفريق بقيادة المدرب لويس إنريكي إلى المشهد القاري، وهذه المرة بعزيمة أكثر، وطموح واضح لتحقيق أول ألقابه في البطولة.
وقد فرض باريس سان جيرمان سيطرته على مجريات اللعب، وسط تراجع نسبي من آرسنال الذي دخل اللقاء متأثرًا بخسارته ذهابًا بهدف دون رد في لندن، ومع الضغط المتواصل، نجح فابيان رويز في فك شفرة دفاع الضيوف بتسديدة ذكية في الدقيقة (27)، منح بها فريقه هدف التقدم وأشعل المدرجات الفرنسية.
وفي الشوط الثاني، حافظ باريس على نسقه الهجومي، وتمكّن المدافع المغربي أشرف حكيمي من إضافة الهدف الثاني في الدقيقة (72) بعد مجهود فردي رائع، وضع به قدمًا أولى لفريقه في النهائي، ورغم محاولة آرسنال العودة عبر هدف تقليص الفارق الذي سجله ساكا بعد أربع دقائق فقط، فإن دفاع باريس بقي صامدًا أمام الضغط الإنجليزي حتى نهاية اللقاء.
وشهدت المباراة بروز عدد من نجوم باريس سان جيرمان، وعلى رأسهم النجم المغربي أشرف حكيمي، الذي قدّم أداءً كبيرًا على الجانب الدفاعي والهجومي، وتوّجه بهدف ثمين، أثبت من خلاله قيمته كلاعب حاسم في المباريات الكبرى، كما لعب الإسباني فابيان رويز دورًا بارزًا في خط الوسط، وتمكن من تسجيل الهدف الأول، وصنع التوازن بين الدفاع والهجوم طوال اللقاء.
ورغم الخروج من نصف النهائي، إلا أن فريق آرسنال يمكنه أن يفتخر بما قدمه هذا الموسم على المستوى القاري، حيث تمكّن من بلوغ المربع الذهبي للمرة الأولى منذ موسم 2008-2009، وظهر بشكل جيد في أغلب مواجهاته الأوروبية، تحت قيادة مدربه ميكيل أرتيتا، لكن قلة الخبرة في مثل هذه المحطات، إضافة إلى بعض الأخطاء الفردية، كانت كفيلة بإنهاء مشواره أمام خصم أكثر جاهزية.
وبتأهله المستحق، يضرب باريس سان جيرمان موعدًا ناريًا مع إنتر ميلان الإيطالي، في نهائي مرتقب يُقام في العاصمة الألمانية برلين، نهاية شهر مايو الجاري، ومن المنتظر أن يشهد اللقاء حضورًا جماهيريًا ضخمًا، وسط توقعات بمتابعة عالمية لهذا الحدث الذي يُعد تتويجًا لموسم طويل من المنافسة بين نخبة أندية أوروبا.
وسيشكل النهائي فرصة جديدة لباريس سان جيرمان من أجل تحقيق حلمه الأكبر المتمثل في التتويج بلقب دوري الأبطال، بعد سنوات من الإحباطات المتكررة، في المقابل، يدخل إنتر ميلان اللقاء وهو يطمح إلى استعادة أمجاده الأوروبية، بعد آخر تتويج له عام 2010 بقيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو.
وتأهل باريس سان جيرمان إلى النهائي يعكس بوضوح مدى تطور المشروع الرياضي للنادي منذ استحواذ صندوق قطر للاستثمارات على ملكيته في عام 2011، وهو المشروع الذي استهدف منذ بدايته التتويج بلقب دوري الأبطال كهدف استراتيجي، وقد مر النادي بمحطات عديدة، وتعاقد مع لاعبين من الصف الأول أمثال إبراهيموفيتش، نيمار، ومبابي، إلا أن الحلم ظل مؤجلاً.
لكن الأداء الحالي للفريق، واستقراره الفني تحت قيادة لويس إنريكي، إلى جانب عناصر الخبرة والشباب في التشكيلة، تجعل من باريس سان جيرمان مرشحًا قويًا لنيل اللقب هذه المرة، وينتظر عشاق كرة القدم الأوروبية واحدة من أقوى النهائيات في السنوات الأخيرة، حيث يلتقي الطموح الفرنسي العارم بالمجد الإيطالي العريق، وسيكون على لاعبي باريس أن يثبتوا أن ما تحقق ليس مجرد إنجاز عابر، بل بداية لحقبة جديدة في تاريخ النادي.