في ليلة أوروبية مبهرة، اكتمل عقد المتأهلين إلى نهائي دوري أبطال أوروبا 2025، حيث ضرب باريس سان جيرمان موعدًا ناريًا مع إنتر ميلان الإيطالي في موقعة طال انتظارها، وذلك يوم 31 مايو الجاري على ملعب "أليانز أرينا" في مدينة ميونخ الألمانية، بحضور جماهيري مرتقب يصل إلى 75 ألف مشجع، في واحدة من أكثر المواجهات إثارة في تاريخ البطولة القارية.
وعاد باريس سان جيرمان ليكتب صفحة جديدة في تاريخه القاري، بعدما نجح في عبور نصف النهائي على حساب آرسنال الإنجليزي، بانتصار مستحق 2-1 في لقاء الإياب على ملعب "حديقة الأمراء"، ليؤكد تفوقه الذي بدأ في الذهاب بنتيجة 1-0، ويبلغ النهائي بمجموع 3-1، دخل الباريسيون المباراة بحماس كبير منذ الدقيقة الأولى، مدفوعين بجماهيرهم وبدافع كسر العقدة الأوروبية التي لازمته لسنوات، ومع السيطرة الميدانية، افتتح الفريق التسجيل عبر الإسباني فابيان رويز في الدقيقة 27، بعد تمريرة محكمة من كيليان مبابي اخترقت دفاعات آرسنال.
وتواصل الضغط الباريسي في الشوط الثاني، حتى تمكّن المغربي أشرف حكيمي من مضاعفة النتيجة في الدقيقة 72، بتسديدة يسارية سكنت الشباك الإنجليزية، لتضع الفريق الفرنسي على أعتاب المباراة النهائية، ورغم نجاح بوكايو ساكا في تقليص الفارق سريعًا لآرسنال في الدقيقة 76، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لقلب الموازين، حيث حافظ سان جيرمان على تركيزه الدفاعي وحسم التأهل في نهاية المطاف.
وفي الجهة المقابلة، حجز إنتر ميلان مقعده في النهائي بعد مواجهة مثيرة مع برشلونة الإسباني، حسمها بنتيجة 4-3 في مباراة شهدت لحظات من الإثارة والانقلاب في الأداء، وتأهل "النيراتزوري" بفضل خط هجومه القوي وتنظيمه الدفاعي، حيث تميّز أداؤه بالسرعة والانضباط التكتيكي الذي قاده إلى العودة من تأخر في النتيجة، وتسجيل الفوز الذي يعيده إلى نهائي دوري الأبطال للمرة الأولى منذ تتويجه بلقب 2010.
ويمثل تأهل إنتر لحظة فارقة في مسيرته الأوروبية، خصوصًا بعد سنوات من الغياب عن الأدوار النهائية، ليؤكد الفريق الإيطالي عودته بقوة إلى المنافسة القارية، تحت قيادة فنية محنكة وبقيادة لاعبين أصحاب خبرة وشباب يجمعهم الطموح ذاته، وتتجه الأنظار الآن إلى مدينة ميونخ، التي تستعد لاحتضان نهائي الأحلام بين فريقين يمثلان مدارس كروية مختلفة، لكنهما يتشاركان في الطموح ذاته: معانقة المجد الأوروبي.
وباريس سان جيرمان، الساعي إلى تحقيق أول لقب له في تاريخ دوري الأبطال، بعد محاولات عدة باءت بالفشل أبرزها خسارة النهائي أمام بايرن ميونخ في نسخة 2020، يرى في هذه الفرصة محطة مفصلية لتحويل الحلم إلى واقع، خصوصًا مع اكتمال عناصر الفريق من نجوم عالميين، أبرزهم مبابي، حكيمي، وأوسمان ديمبيلي.
أما إنتر ميلان، صاحب التاريخ العريق في البطولة بثلاثة ألقاب سابقة، فيطمح إلى إعادة أمجاده الأوروبية وتكرار ملحمة 2010، عندما توج تحت قيادة جوزيه مورينيو بثلاثية تاريخية، ويعتمد الفريق الإيطالي على تماسكه الدفاعي وصلابة خط الوسط، مع وجود لاعبين مؤثرين أمثال لاوتارو مارتينيز، نيكولو باريلا، وماركو أرناوتوفيتش، وملعب "أليانز أرينا"، معقل بايرن ميونخ، سيكون شاهدًا على لقاء تتداخل فيه عناصر التاريخ والطموح، فمن جهة، يأمل إنتر ميلان في تعزيز سجله الأوروبي، فيما يتطلع باريس سان جيرمان لكسر عقدته الطويلة مع دوري الأبطال.
وسيدير اللقاء طاقم تحكيم أوروبي كبير لم يُعلن عنه رسميًا بعد، وسط ترقب جماهيري واسع، يتوقع أن يملأ جنبات المدرجات بحضور جماهير الفريقين من شتى أنحاء العالم، إلى جانب ملايين المشاهدين عبر الشاشات، وسبق لإنتر ميلان التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا في ثلاث مناسبات أعوام 1964، 1965، و2010، ويُعد أحد أعرق الأندية الإيطالية والأوروبية، أما باريس سان جيرمان، فرغم سيطرته المحلية في فرنسا، إلا أن البطولة الأوروبية استعصت عليه مرارًا، وكانت أقرب محاولاته في 2020، عندما خسر بصعوبة أمام بايرن ميونخ.
وتشكل مواجهة الفريقين في النهائي هذا العام صدامًا نادرًا، إذ لم يلتقيا سابقًا في نهائي أي بطولة أوروبية، ما يضيف بعدًا من التشويق والندية إلى اللقاء المنتظر، وتعمل السلطات الألمانية حاليًا على تأمين كافة الاستعدادات لاستقبال النهائي، من النواحي الأمنية والتنظيمية واللوجستية، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، الذي يولي أهمية خاصة لهذه المباراة التي تمثل ختام الموسم الكروي الأوروبي.
ويتوقع أن تتحول ميونخ خلال الأيام المقبلة إلى مركز جذب رياضي وسياحي، في ظل التوافد الكبير من الجماهير ووسائل الإعلام لتغطية هذا الحدث الكروي الأهم في القارة العجوز، ومع اقتراب الموعد المنتظر، يبقى السؤال الأكبر: هل ينجح باريس سان جيرمان في كتابة التاريخ ورفع الكأس الأوروبية لأول مرة؟ أم أن إنتر ميلان سيضيف لقبًا رابعًا ويستعيد المجد القاري؟
الإجابة ستكون ليلة 31 مايو، على عشب ملعب "أليانز أرينا"، في مباراة لا تقبل القسمة على اثنين.