تجري اليوم الخميس في العاصمة الأذربيجانية باكو محادثات حساسة بين تركيا وإسرائيل حول الوضع في سوريا بوساطة أذربيجان التي تتمتع بعلاقات قوية مع تل أبيب وتعد طرفًا قادرًا على تسهيل الحوار بين الجانبين، وهذه الجولة الجديدة من المحادثات تأتي في وقت يتصاعد فيه التوتر على الحدود السورية الإسرائيلية، حيث تسعى كل من إسرائيل وتركيا إلى تأمين مصالحهما في المنطقة المضطربة.
وبحسب مصادر مطلعة نقلت عنها هيئة البث الإسرائيلية، فإن إسرائيل ستطرح خلال هذه المحادثات مطلبين رئيسيين/ والأول هو ضمان عدم وجود أي قوة عسكرية تهدد أمنها بالقرب من حدودها مع سوريا، وهو مطلب يرتبط مباشرة بمخاوف إسرائيل من تعزيز النفوذ الإيراني والميليشيات التابعة له على الجانب السوري من الحدود، والمطلب الثاني يتعلق بمنع نشر أسلحة استراتيجية في سوريا يمكن أن تشكل تهديدًا لأمن إسرائيل، وهو ما يشمل الصواريخ بعيدة المدى وأنظمة الدفاع الجوي المتطورة.
كما أفادت التقارير بأن إسرائيل تعارض بشكل قاطع أي خطط تركية لإنشاء قواعد عسكرية دائمة في سوريا، وهو ما تعتبره تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة، وهذه المطالب تأتي في وقت تسعى فيه تركيا لتعزيز وجودها العسكري في الشمال السوري، حيث كانت قد أعلنت مرارًا عن رغبتها في إنشاء منطقة آمنة تخضع لسيطرتها وتكون حاجزًا ضد أي تهديدات كردية محتملة.
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس الأربعاء من باريس، أن بلاده تجري "مباحثات غير مباشرة" مع إسرائيل بهدف خفض التصعيد في المنطقة، وهذا الإعلان يأتي بعد سلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع عسكرية سورية، كان آخرها قصف موقع قرب القصر الرئاسي في العاصمة دمشق الأسبوع الماضي، وقد وصفت هذه الضربات بأنها "الأكثر عنفًا منذ بداية العام"، وفقًا لما نقلته وكالة فرانس برس.
وكانت إسرائيل قد شنت أكثر من 20 غارة جوية فجر السبت الماضي استهدفت مراكز ومستودعات عسكرية في أنحاء سوريا، ما اعتبره البعض رسالة واضحة من تل أبيب بأنها لن تسمح بوجود أي تهديد عسكري قرب حدودها، وفي بيان مشترك مع وزير دفاعه يسرائيل كاتس، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هذه الهجمات هي "رسالة واضحة للنظام السوري بأن إسرائيل لن تسمح بنشر قوات سورية جنوب دمشق، أو بتهديد الطائفة الدرزية بأي شكل من الأشكال".
وفي ظل هذه التطورات، كشفت مصادر إسرائيلية قبل يومين أن الجيش الإسرائيلي ضاعف وجوده في مرتفعات الجولان والمنطقة العازلة مع سوريا، بالتزامن مع محادثاته مع تركيا لتنسيق النشاط العسكري في الأراضي السورية، وفق ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، وهذا الانتشار العسكري يعد جزءًا من استراتيجية إسرائيل لتعزيز دفاعاتها على طول الحدود الشمالية ومنع أي محاولات لتغيير الوضع القائم هناك.
ومنذ ديسمبر الماضي، ومع سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في سوريا، مستهدفة قواعد جوية وبحرية وبرية للجيش السوري وحلفائه، كما توغلت القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة وتوسعت في مرتفعات الجولان المحتلة وجبل الشيخ ومناطق أخرى في الجنوب السوري، في محاولة لتعزيز سيطرتها ومنع أي تسلل أو تهديد لأمنها.
ويبدو أن هذه المحادثات في باكو تأتي في إطار محاولات لتخفيف حدة التوتر ومنع التصعيد العسكري في المنطقة، لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى اتفاقات ملموسة يمكن أن تهدئ الأوضاع على الأرض، أم أنها مجرد محاولة أخرى لتجنب صدام أكبر قد يغير معادلات الصراع في الشرق الأوسط.