أوبن أيه آي
تخلٍ تدريجي أم إعادة تموضع؟ أوبن أيه آي تخطو بعيداً عن مايكروسوفت
كتب بواسطة: حكيم حميد |

في خطوة قد تغيّر ملامح الشراكة التقنية بين عملاقي الذكاء الاصطناعي "أوبن أيه آي" و"مايكروسوفت"، كشفت تقارير صحفية عالمية أن شركة "أوبن أيه آي" تنوي تقليص حصتها من الإيرادات التي تتقاسمها مع "مايكروسوفت"، في إطار خطة شاملة لإعادة هيكلة الشركة، هذه الخطوة تأتي وسط تحركات استراتيجية لخفض التأثير المباشر للرئيس التنفيذي سام ألتمان على مستقبل الشركة، وتحديداً على مستوى اتخاذ القرارات المالية والتحالفات الكبرى.

التقارير أوضحت أن "أوبن أيه آي" المطوّرة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل "شات جي بي تي"، قد شاركت هذه الخطط مع عدد من المستثمرين، وأشارت إلى نيتها خفض النسبة التي تتقاسمها من الإيرادات مع "مايكروسوفت" إلى النصف على الأقل، وذلك بحلول نهاية العقد الحالي،وتُظهر الوثائق التي اطلعت عليها مصادر مطلعة أن هذه الخطوة تمثل توجهاً استراتيجياً لإعادة توزيع مراكز القوة داخل "أوبن أيه آي"، وربما تمهيداً لمرحلة جديدة في علاقتها مع شركائها، ومن بينهم "مايكروسوفت".

وبحسب ما تم تداوله فإن "أوبن أيه آي" وافقت على صفقة مؤقتة تضمن من خلالها مشاركة ما نسبته 20% من إيراداتها مع "مايكروسوفت" حتى عام 2030، وهي النسبة التي يُتوقع أن تنخفض تدريجياً خلال السنوات المقبلة، لتصل إلى 10% فقط بحلول نهاية العقد، ولم تقتصر هذه النسبة على "مايكروسوفت" وحدها، بل تشمل أيضاً شركاء تجاريين آخرين قد يرتبطون مع "أوبن أيه آي" ضمن نطاق أعمالها التوسعية.

هذا التحوّل في نسب تقاسم الإيرادات يعكس بوضوح رغبة "أوبن أيه آي" في تعزيز استقلاليتها وتحكمها بمستقبلها المالي، خاصة في ظل التوسع المتسارع في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي والمنافسة المحتدمة مع لاعبين كبار مثل "غوغل" و"أمازون" و"ميتا". ومن اللافت أيضاً أن "مايكروسوفت"، التي ضخت استثمارات ضخمة في "أوبن أيه آي" خلال السنوات الماضية، لا تزال حريصة على استمرار الوصول إلى تقنيات الشركة حتى بعد انتهاء فترة الاتفاق الحالية في 2030.

بينما تسير "أوبن أيه آي" في اتجاه تقليص بعض التزاماتها، تأتي هذه الخطوة متزامنة مع تغييرات شهدتها "مايكروسوفت" نفسها، حيث قامت في يناير الماضي بتعديل بعض البنود الرئيسية في اتفاقها مع "أوبن أيه آي"، وذلك بعد دخولها في مشروع مشترك ضخم مع شركة "أوراكل" ومجموعة "سوفت بنك" اليابانية، المشروع الذي تصل قيمته إلى 500 مليار دولار يهدف إلى بناء مراكز بيانات جديدة في الولايات المتحدة مخصصة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يؤكد أن الساحة التقنية تشهد حالياً صراعاً على الريادة والتحكم في البنية التحتية المستقبلية لهذا القطاع الحيوي.

من جانبها حاولت "أوبن أيه آي" طمأنة السوق والمستثمرين عبر متحدث رسمي باسمها، حيث صرح أن العلاقة مع "مايكروسوفت" لا تزال قائمة وقوية، وأن العمل المشترك مستمر بكل فعالية، مع التطلع إلى استكمال تفاصيل إعادة التمويل خلال الفترة القريبة القادمة، التصريح يأتي ليرسم صورة من الاستقرار والتعاون، على الرغم من التحولات التي تجري خلف الكواليس.

مع تزايد الحديث عن مستقبل الذكاء الاصطناعي وسباق السيطرة على تقنياته، تبرز هذه الخطوة من "أوبن أيه آي" كعلامة واضحة على أن المشهد يتغيّر بسرعة، وأن العلاقات القديمة بين الكيانات الكبرى تخضع لمراجعة دقيقة كلما اقتربنا من نهاية هذا العقد.