لم تهدأ أصداء التتويج التاريخي للنادي الأهلي بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة، حيث لم تخلُ الأفراح من جدل أثارته بعض التصريحات التي خرجت بعد النهائي، أبرزها ما أدلى به فيصل زيد، مدير المركز الإعلامي في النادي، حين وصف البطولة بأنها "جبر خاطر"، هذه الجملة أثارت حالة من التباين في التفسيرات، خاصة مع الزخم الكبير الذي رافق التتويج الأول في تاريخ النادي على الصعيد القاري.

الأهلي نجح في كتابة فصل جديد من المجد، بعد أن تفوق على كاواساكي فرونتال الياباني بهدفين دون رد في نهائي احتضنه ملعب مدينة الملك عبد الله الرياضية في جدة، الثنائية التي حملت توقيع جالينو وفرانك كيسييه لم تكن فقط مفتاحًا لحسم اللقاء، بل بوابة لدخول الأهلي سجل الشرف الآسيوي، معززًا من مكانة الأندية السعودية على الخارطة القارية، خصوصًا أن هذه النسخة هي الأولى في الشكل الجديد لدوري أبطال آسيا للنخبة.

لكن الاحتفال بالإنجاز لم يمنع من طرح علامات استفهام حول دلالات التصريح الذي خرج من فيصل زيد، وتزامن مع تأكيد الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بأن الاتحاد كان يفضل إقامة الأدوار النهائية للبطولة في العاصمة السعودية الرياض، بينما جاء الطلب من الجانب السعودي باستضافة المباريات في جدة، وهو ما تحقق في نهاية المطاف، هذا التباين في الروايات، بجانب مصطلح "جبر خاطر"، خلق أرضًا خصبة للتأويلات وربطها برسائل غير مباشرة، ما دفع بزيد إلى الخروج مجددًا لتوضيح مقصده وإغلاق باب الجدل.

وخلال ظهوره في برنامج "دورينا"، شرح مدير المركز الإعلامي موقفه قائلاً: "جماهير الأهلي عاشت سنوات من المعاناة، وكانت دائمًا سندًا للنادي في كل الظروف، سواء في القمة أو خلال أصعب اللحظات، والتتويج بهذا اللقب كان بمثابة هدية من إدارة شركة النادي إلى هؤلاء الأوفياء، تعويضًا عمّا مضى، وإشارة إلى أن الأهلي يعود من جديد إلى مكانته الطبيعية، عندما قلت إن الكأس جبر خاطر، كنت أعني جمهور الأهلي فقط، ولا علاقة للحديث بأي أطراف أخرى".

وفي رسالة صريحة إلى وسائل الإعلام، شدد زيد على ضرورة دعم الفرق الوطنية، قائلاً: "اليوم الأهلي هو ممثل الوطن، وهو النادي السعودي الوحيد الذي بلغ النهائي في النسخة الجديدة من البطولة القارية، علينا أن نقف خلفه، تمامًا كما وقفنا خلف الهلال والاتحاد في مناسبات سابقة، لا يصح أن نصطاد في الماء العكر، أو نبحث عن ثغرات في لحظة وطنية بهذا الحجم".

زيد لم يكتفِ بالتبرير، بل تحدث بشفافية عن الجرح الذي عاشه الأهلاويون في وقت سابق، في إشارة إلى الهبوط التاريخي الذي شهدته مسيرة النادي، قبل أن يعيد ترتيب أوراقه ويعود بقوة إلى منصات التتويج، مضيفًا: "الكأس دواء لهذا الجرح، والفرحة التي نعيشها اليوم هي نتاج لصبر طويل من جمهور لا يعرف الاستسلام".

وقد تفاعلت الجماهير بكثافة مع التصريحات، فمنها من أبدى تفهمًا لنية فيصل زيد واعتبر كلامه نابعًا من عاطفة صادقة تجاه جمهور عانى الكثير، في حين طالب البعض الآخر بمزيد من الدقة في التصريحات التي تخرج بعد لحظات استثنائية، منعًا لأي لبس قد يسيء للفريق أو يُستغل خارجيًا لإشاعة التوتر.

وبينما يطوي الأهلي صفحة المجد الآسيوي، تعود عجلة المنافسات المحلية للدوران من جديد، حيث يستعد الفريق لملاقاة التعاون في الجولة الثلاثين من دوري روشن السعودي، على ملعب مدينة الأمير عبد الله الفيصل بجدة، اللقاء يأتي في وقت معنوي مرتفع للراقي، الذي ضمن بالفعل تأهله للنسخة المقبلة من دوري أبطال آسيا للنخبة، بعد تتويجه بالنسخة الحالية، فيما يحتل المركز الخامس في ترتيب الدوري برصيد 58 نقطة من 29 مباراة.

التحديات لم تنتهِ بعد، لكن ما تحقق مؤخرًا أعاد الهيبة للأهلي، ومنح اللاعبين دفعة قوية لمواصلة تقديم الأفضل، لا سيما أن الأعين باتت شاخصة نحو الفريق من قبل جماهيره، وخصومه، ومتابعي الكرة الآسيوية، الذين ينظرون الآن إلى الأهلي على أنه بطل جديد دخل النادي النخبوي للكرة القارية بثقة واستحقاق.