في زيارة رسمية تحمل أبعادًا استراتيجية عميقة، شهدت العاصمة اليونانية أثينا توقيع شراكة استراتيجية بين مصر واليونان، وذلك بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره اليوناني كونستانتينوس تاسولاس، وتأتي هذه الخطوة في إطار دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع، والتأكيد على الروابط التاريخية والسياسية التي تجمع البلدين في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث تتقاطع المصالح وتتزايد التحديات الإقليمية والدولية.
خلال الزيارة التي جرت يوم الأربعاء شارك الرئيس السيسي في الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين مصر واليونان، والذي يمثل انطلاقة جديدة في مسار التعاون المؤسسي بين الجانبين، وتم خلال الاجتماع التوقيع على الإعلان المشترك بشأن الشراكة الإستراتيجية، إلى جانب عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات متعددة تشمل الطاقة، النقل البحري، الاستثمار، والتعليم، وغيرها من القطاعات ذات الأولوية.
أوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي، أن المباحثات التي جرت بين الرئيسين تناولت أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع المتسارعة في قطاع غزة، حيث تبادل الجانبان الرؤى بشأن ضرورة تحقيق التهدئة وتخفيف المعاناة الإنسانية، كما ناقشا الأوضاع في سوريا، وليبيا، واليمن، مؤكدين على أهمية الحلول السياسية الشاملة التي تضمن وحدة وسيادة تلك الدول وتضع حدًا لحالة عدم الاستقرار التي تشهدها.
كما تطرق اللقاء إلى ملف أمن الملاحة في البحر الأحمر، في ظل التهديدات المتزايدة التي تطال خطوط التجارة الدولية، وعبّر الجانبان عن قلقهما من تداعيات التصعيد في هذه المنطقة الحيوية، وأكدا أهمية تعزيز الجهود المشتركة لحماية أمن وسلامة الممرات البحرية، وتنسيق المواقف في المحافل الدولية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تمس مصالح البلدين والمنطقة بأسرها.
الهجرة غير الشرعية كانت أيضًا أحد المحاور الرئيسية التي ناقشها الرئيسان، حيث تم التأكيد على ضرورة التعاون لمكافحة شبكات التهريب والإتجار بالبشر، وتعزيز التنمية المستدامة في دول المصدر كأداة فعالة لمعالجة جذور الظاهرة، إضافة إلى دعم برامج إعادة الإدماج وحماية حقوق اللاجئين وفقًا للقانون الدولي.
في ختام المباحثات أكد الرئيسان على أهمية الاستمرار في التنسيق والتشاور على أعلى المستويات وتكثيف التعاون المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، بما يعكس العلاقات المتميزة التي تجمع بين مصر واليونان، كما عبّرا عن تطلعهما إلى مزيد من اللقاءات المستقبلية لتعزيز مسارات التعاون وتحقيق الأمن والاستقرار في شرق المتوسط، وهي منطقة تشكل محورًا حيويًا في التوازنات الجيوسياسية والاقتصادية للعالم، زيارة السيسي إلى اليونان تمثل بذلك خطوة جديدة نحو بناء تحالفات إقليمية فاعلة قادرة على التصدي لمخاطر الحاضر والتخطيط لمستقبل أكثر استقرارًا وتكاملًا بين الشعوب والدول.