في خطوة تعكس توجهًا واضحًا نحو التكامل بين قطاعات النقل الجوي والسياحة في الجزائر، وقّعت شركة الخطوط الجوية الجزائرية، يوم الأربعاء، اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة "سياحة وأسفار الجزائر" (تورينغ)، وذلك خلال مراسم رسمية أُقيمت بالمقر الاجتماعي للجوية الجزائرية، وتهدف هذه الاتفاقية إلى توسيع مجالات التعاون بين الطرفين، وتطوير شبكة الخدمات بما يلبي تطلعات الزبائن، ويتماشى مع تطور احتياجات السوق المحلي والدولي على حد سواء.
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن الخطوط الجوية الجزائرية، فإن الاتفاقية تأتي ضمن إطار رؤية موحدة بين الشركتين، تقوم على أساس إرساء تعاون فعّال وشامل في مجالي النقل الجوي والسياحة، من خلال تنسيق الجهود وتكامل الخبرات، لتقديم خدمات مبتكرة وذات جودة عالية، من شأنها أن تعزز مكانة الجزائر كوجهة سياحية إقليمية ودولية واعدة.
وأكد البيان أن هذه المبادرة تُجسّد حرص المؤسستين الوطنيتين على مواكبة التحولات الحاصلة في قطاعي النقل والسياحة، من خلال الاستثمار في شراكات استراتيجية تفتح آفاقًا جديدة أمام التوسع، وتدعم جهود التنمية الاقتصادية، خصوصًا في ظل التوجه الحكومي نحو تنويع مصادر الدخل خارج قطاع المحروقات.
ويرى مراقبون أن هذه الاتفاقية تمثل خطوة نوعية على طريق تحقيق التكامل بين شركتين وطنيتين تشكلان ركيزتين أساسيتين في الاقتصاد الجزائري، إذ تسعى الجوية الجزائرية، بصفتها الناقل الوطني، إلى لعب دور أكبر في دعم السياحة الداخلية والخارجية، من خلال توفير رحلات منتظمة ومنظمة إلى وجهات سياحية داخل البلاد وخارجها، فيما تسعى شركة "تورينغ" إلى توسيع عروضها السياحية، وجذب المزيد من الزبائن عبر توفير خدمات نقل جوي ملائمة وآمنة،
ويُتوقع أن تسهم هذه الاتفاقية في تحسين تجربة المسافر الجزائري والأجنبي على حد سواء، من خلال توفير باقات سياحية متكاملة تشمل النقل الجوي، والإقامة، والخدمات الترفيهية والثقافية، بأسعار تنافسية وخدمات ذات جودة عالية، ما يساهم في تحفيز الحركة السياحية الداخلية، ويدعم جهود إنعاش القطاع بعد تداعيات جائحة كوفيد-19.
وأوضحت الجوية الجزائرية في بيانها أن الاتفاقية تشكل "ركيزة أساسية لبناء شراكات استراتيجية مستدامة"، مؤكدة أن الأهداف المشتركة للطرفين تتعدى الأطر التجارية البحتة، نحو دعم شامل لديناميكية التنمية الوطنية، وخلق قيمة مضافة للزبائن، لا سيما من خلال توسيع نطاق الخدمات محليًا ودوليًا.
كما شددت المؤسسة على أن الاتفاقية تفتح المجال أمام إطلاق مبادرات مشتركة جديدة، تشمل تنظيم رحلات موسمية خاصة، وعروض سياحية موجهة لفئات مختلفة من الزبائن، بما في ذلك الجالية الجزائرية بالخارج، والطلبة، والمجموعات السياحية القادمة من الخارج، وهو ما ينعكس إيجابًا على أداء المؤسستين ويعزز فرص النمو في السوق.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه الجوية الجزائرية إلى ترسيخ مكانتها كشركة نقل جوي رائدة في المنطقة، من خلال تطوير شبكتها الدولية، وتوسيع أسطولها الجوي، وتحسين جودة الخدمات المقدّمة، وذلك ضمن خطة إصلاح شاملة أطلقتها الدولة لإعادة هيكلة المؤسسة وتحسين مردوديتها.
وفي هذا الإطار، تُعد الشراكات مع الفاعلين في القطاعات الحيوية -مثل السياحة- من بين أبرز الآليات المعتمدة لتحقيق أهداف التوسع والتحديث، خاصة في ظل تزايد المنافسة على المستويين الإقليمي والدولي، وحاجة المؤسسة إلى توسيع قاعدة زبائنها، وتنويع مصادر دخلها، وأما بالنسبة لقطاع السياحة في الجزائر، فإن الاتفاقية تأتي لتؤكد مرة أخرى وجود رغبة حقيقية في استغلال الإمكانيات الطبيعية والتاريخية والثقافية الهائلة التي تزخر بها البلاد، والتي ظلت لعقود غير مستثمرة بالشكل الأمثل، ويأمل الفاعلون في القطاع أن تسهم هذه الشراكة في تحريك عجلة السياحة، من خلال الترويج للوجهات السياحية الوطنية، وربطها بشبكة نقل جوي فعالة ومنتظمة.
وتُعد شركة "سياحة وأسفار الجزائر" أحد أبرز الفاعلين في السوق السياحية الوطنية، ولها خبرة طويلة في تنظيم الرحلات الداخلية والخارجية، وتقديم عروض متنوعة تتماشى مع مختلف الشرائح الاجتماعية، وتطمح المؤسسة، من خلال هذه الاتفاقية، إلى توسيع حضورها وتعزيز خدماتها عبر تعاون وثيق مع الجوية الجزائرية، ومع توقيع هذه الاتفاقية، تتطلع المؤسستان إلى بناء علاقة تعاون طويلة الأمد، قائمة على تبادل المنافع والتكامل الوظيفي، بما يخدم مصلحة الزبائن، ويعزز صورة الجزائر كدولة ذات بنية سياحية واعدة وموقع جغرافي استراتيجي، في وقت تتجه فيه أنظار المستثمرين والفاعلين الدوليين إلى القارة الإفريقية كمجال خصب للنمو والتوسع.
وبينما لم يُعلن الطرفان عن تفاصيل إضافية بشأن الخطط التنفيذية أو الآجال الزمنية لتفعيل بنود الاتفاقية، إلا أن هذه المبادرة تبعث برسالة واضحة مفادها أن الجزائر تتحرك بثبات نحو تحديث أدواتها الاقتصادية، وربط القطاعات الحيوية ببعضها البعض، من أجل خلق بيئة أكثر جاذبية للاستثمار، وخدمات أكثر كفاءة للمواطن والمستثمر والسائح على حد سواء.