شراكة سعودية عالمية تُحدث تحولًا في الرعاية الجلدية بالمملكة.
بخطوة غير مسبوقة: شراكة سعودية عالمية تُحدث تحولًا في الرعاية الجلدية بالمملكة
كتب بواسطة: سالي حسنين |

في إنجاز يُعد الأول من نوعه على مستوى المملكة، وقّعت الجمعية السعودية لأمراض وجراحة الجلد اتفاقية شراكة استراتيجية مع إحدى أبرز الشركات العالمية المتخصصة في قطاع الرعاية الصحية، في خطوة تهدف إلى تطوير جودة خدمات الرعاية الجلدية، وتعزيز الابتكار في تشخيص وعلاج الأمراض الجلدية المزمنة والشائعة، بما ينسجم مع تطلعات رؤية السعودية 2030.

وجاء الإعلان عن هذه الشراكة خلال مؤتمر صحفي أقيم في العاصمة الرياض، بحضور عدد من المسؤولين والخبراء في قطاع الصحة والأمراض الجلدية، وسط إشادة واسعة من المجتمع الطبي المحلي والدولي، وتسعى الاتفاقية إلى تأسيس نهج جديد للرعاية الجلدية في المملكة، من خلال نقل الخبرات الدولية، وتبني أحدث البروتوكولات العلاجية، ورفع كفاءة الكوادر الطبية المحلية، إلى جانب تمكين المرضى من الحصول على حلول علاجية مبتكرة تتناسب مع احتياجاتهم الصحية والنفسية.

وأكدت الجمعية السعودية لأمراض وجراحة الجلد أن هذه الخطوة تمثل بداية مسار استراتيجي طويل الأمد، يستهدف النهوض بجودة الرعاية المقدمة لمرضى الأمراض الجلدية بمختلف فئاتهم العمرية، خاصة الأطفال والشباب الذين تُعد بعض الأمراض الجلدية مزمنة لديهم ومؤثرة على جودة حياتهم.

وتشير الإحصاءات المحلية إلى أن التهاب الجلد التأتبي يُعد من أكثر الأمراض الجلدية انتشارًا بين الأطفال في المملكة، حيث تصل نسبة الإصابة به إلى نحو 20%، وهو ما يُبرز الحاجة إلى تعزيز أساليب التشخيص والتدخل المبكر، وتوسيع نطاق التوعية المجتمعية بهذا النوع من الأمراض.

وبحسب بيانات وزارة الصحة السعودية، فإن الأمراض الجلدية تحتل موقعًا متقدمًا ضمن الأسباب الأكثر شيوعًا لزيارة العيادات التخصصية، إذ يُقدر أن حوالي 12% من مراجعي المراكز الصحية يعانون من مشاكل جلدية متنوعة، تتراوح بين الحادة والمزمنة، بما في ذلك الصدفية، وحَب الشباب، والتهابات الجلد الفطرية والفيروسية، ويُنظر إلى هذه الشراكة بوصفها خطوة مفصلية في مجال الصحة الجلدية، كونها تضع المملكة على مسار الريادة الإقليمية، عبر دعم البحث العلمي، وتوفير التعليم الطبي المستمر، والتوسع في برامج الدعم النفسي والاجتماعي للمصابين بالأمراض الجلدية.

وفي هذا الإطار، أوضح الدكتور عبدالله العقيل، رئيس الجمعية، أن الاتفاقية ليست مجرد إجراء إداري، بل تمثل تحولًا نوعيًا في كيفية تعامل المنظومة الصحية مع أحد أكثر التخصصات تعقيدًا وحساسية، وقال العقيل: "نحن نمنح أطباءنا اليوم أدوات ومعرفة متقدمة؛ لنمكّنهم من مواكبة أحدث ما توصل إليه الطب في هذا المجال، وهذا يصب في مصلحة المريض أولًا وأخيرًا".

ومن جهتها، عبّرت بريتي فوتناني، المدير العام للرعاية المتخصصة في شركة سانوفي السعودية ودول الخليج، عن فخرها بهذا التعاون، مشيرة إلى أن الشراكة تمثل تلاقيًا بين العلم والتطلعات الصحية للمملكة، وأضافت: "نحن نؤمن بأن دعم الأنظمة الصحية بالرؤية العلمية الدقيقة يُحدث تأثيرًا واسع النطاق، يعود بالنفع على المرضى، ويُسهم في تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي للرعاية الصحية المتخصصة".

أما الدكتورة رواء الحارثي، نائبة رئيس الجمعية، فقد وصفت الاتفاقية بأنها "نقطة تحوّل في كيفية إدارة الأمراض الجلدية المعقدة"، مشيرة إلى أهمية الانتقال من الرعاية التقليدية إلى الحلول العلاجية المتكاملة والمبنية على أسس علمية حديثة، وفي السياق ذاته، شدّدت الدكتورة دانا العيسى، رئيسة اللجنة العلمية في الجمعية، على أهمية تسريع عجلة البحث العلمي في هذا المجال، مؤكدة أن الشراكة تفتح المجال أمام إطلاق مشاريع بحثية طموحة من شأنها تطوير فهم أعمق لطبيعة الأمراض الجلدية في بيئة المملكة، وتحقيق خطوات متقدمة نحو العلاجات المستدامة.

ويأتي هذا التعاون في وقتٍ تشهد فيه المملكة تزايدًا ملحوظًا في حالات الحساسية الجلدية، نتيجة عوامل بيئية ومناخية متعددة، الأمر الذي يفرض تحديات جديدة أمام المؤسسات الصحية، ويعزز الحاجة إلى تطوير برامج وقائية فعالة، إلى جانب تحسين طرق العلاج والتشخيص المبكر، كما يُتوقع أن تنعكس هذه الاتفاقية بشكل مباشر على منظومة التدريب والتعليم الطبي، من خلال إقامة ورش عمل، ومؤتمرات علمية، وبرامج تدريبية تستهدف الأطباء والممارسين الصحيين، بما يضمن تطوير المهارات والتقنيات، وتعزيز قدرة الكوادر المحلية على مواجهة التحديات المتغيرة في قطاع الأمراض الجلدية.

وبينما تخطو المملكة خطوات واثقة نحو تعزيز جودة الحياة وتحقيق التميز في كافة مجالات الرعاية الصحية، تمثل هذه الشراكة بين الجمعية السعودية لأمراض وجراحة الجلد وإحدى كبرى الشركات العالمية رسالة واضحة بأن التطوير والابتكار أصبحا من أولويات المرحلة القادمة، لا سيما في المجالات الصحية المتخصصة التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، كما تؤكد هذه الخطوة على التزام المملكة بالاستفادة من الشراكات العالمية في سبيل تحقيق أهدافها الوطنية، ورفع جودة الخدمات الصحية بما يتماشى مع المعايير الدولية.