تسير الخطوط الجوية القطرية بخطى ثابتة نحو تعزيز موقعها في سوق الطيران العالمي من خلال صفقة ضخمة مع شركة بوينغ الأميركية، تتضمن شراء نحو 100 طائرة عريضة البدن، مع إمكانية توسيع الطلب لاحقًا، وفقًا لما نقلته وكالة "بلومبرغ"، وتوقعت مصادر مطلعة أن يتم الإعلان الرسمي عن الصفقة خلال زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، التي تبدأ في 13 مايو الجاري، في إطار جولة قد تشهد الكشف عن سلسلة من الاتفاقيات الكبرى في مجالات الدفاع والطيران والتكنولوجيا والبنية التحتية بقيمة إجمالية قد تصل إلى 3 تريليونات دولار.
الخطوط القطرية، المعروفة بطموحها التوسعي وأساطيلها المتطورة، تتجه في هذه الصفقة إلى إضافة طائرات بوينغ 787 دريملاينر بشكل أساسي إلى أسطولها، إلى جانب عدد محدود من طائرات 777X، بما يعكس التزام الشركة بتحديث أسطولها بأحدث التقنيات وأكفأ الطائرات من حيث الكفاءة في استهلاك الوقود والمدى الطويل.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تحتاج فيه شركة بوينغ الأميركية إلى دفعة قوية بعد التحديات التي واجهتها نتيجة الحرب التجارية مع الصين، إذ أدت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب سابقًا إلى تراجع الطلب من شركات الطيران الصينية، ما أعطى منافستها الأوروبية "إيرباص" مساحة أكبر لتعزيز حضورها في الأسواق الآسيوية، خاصة مع تشغيلها لخط التجميع النهائي لطائرات A320 في مدينة تيانجين شرق الصين.
ولم تقتصر تحركات الطيران في المنطقة على الخطوط القطرية وحدها، إذ تشهد السعودية نشاطًا مماثلًا عبر شركة "طيران الرياض" الناشئة، التي تبحث هي الأخرى شراء ما يصل إلى 50 طائرة عريضة البدن، وفقًا لتقارير بلومبرغ، وتفيد المعطيات بأن إيرباص هي الأقرب للفوز بهذه الصفقة، خاصة بعد زيارة قام بها رئيسها التنفيذي، غيوم فوري، إلى الرياض الأسبوع الماضي، وهو ما يشير إلى حراك تنافسي محتدم بين عملاقي صناعة الطائرات في العالم.
وفيما لا تزال بوينغ وإيرباص والخطوط القطرية ممتنعة عن التعليق على تفاصيل الصفقة، تؤكد المصادر أن هناك احتمالاً أيضًا أن تتوسع الخطوط القطرية في طلبات أخرى لطائرات إيرباص من طراز A350-1000، ولكن المرجح أن يُعلن عن ذلك خلال معرض باريس الجوي في يونيو المقبل أو في معرض دبي الجوي نهاية العام.
وتسعى الخطوط الجوية القطرية إلى تنويع مصادر أسطولها بما يتماشى مع استراتيجيتها للنمو العالمي، فيما تحرص شركات المحركات مثل "جنرال إلكتريك" على تأمين نصيبها من هذه الصفقات المرتقبة، إذ تشير التسريبات إلى وجود مفاوضات جارية لشراء مئات المحركات من إنتاجها، خاصة تلك المخصصة لطائرات بوينغ، بما في ذلك صفقة محتملة مع شركة فلاي دبي التي تخطط لاقتناء نحو 70 محركًا لطائراتها من طراز 787 دريملاينر.
وتعكس هذه التحركات ديناميكية جديدة في سوق الطيران بالشرق الأوسط، مدفوعة بتوجهات الحكومات وشركات الطيران نحو التوسع الإقليمي والدولي، واستغلال الفرص الاستثمارية المرتبطة بالبنية التحتية الجوية الحديثة والنمو المتوقع في قطاع السفر والسياحة.
وتبقى الأنظار متجهة إلى ما ستُسفر عنه الأيام القادمة من إعلانات قد تُعيد تشكيل خريطة الطيران في المنطقة وتؤثر على ميزان القوى بين الشركات العالمية المصنعة للطائرات.