نفت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا التي تتخذ من طرابلس مقرًا لها، التقارير الإعلامية التي تحدثت عن اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال مهاجرين تنوي واشنطن ترحيلهم، وأكدت رفضها القاطع لاستقبال أي مهاجرين على أراضيها بشكل دائم، جاء ذلك في بيان رسمي صادر عن الحكومة الليبية بعد تداول أنباء في وسائل الإعلام الأمريكية حول نية الولايات المتحدة ترحيل مهاجرين إلى دول ثالثة من بينها ليبيا.
في وقت سابق نقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت بصدد التفاوض مع ليبيا ورواندا لترحيل مهاجرين غير شرعيين من الولايات المتحدة، خاصة من بينهم سجناء يحملون سجلات إجرامية.
أكدت التقارير أن الهدف من هذه المفاوضات كان إبرام ما يعرف باتفاقية "الدولة الثالثة الآمنة"، التي تتيح للولايات المتحدة إرسال طالبي اللجوء المقبوض عليهم على الحدود إلى تلك البلدان، وفي رده على تلك المزاعم، أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أن ليبيا "ترفض أن تكون وجهة للمهاجرين المطرودين مهما كانت الحجة".
أضاف أن "أي اتفاق يتم بين أطراف غير شرعية لا يمثل الدولة الليبية ولا يلزمها قانونيًا أو أخلاقيًا"، كما أشار إلى أن "الكرامة الإنسانية والسيادة الوطنية غير قابلة للتفاوض"، وجاء البيان ليؤكد تمسك الحكومة الليبية بموقفها الرافض لتوطين المهاجرين على أراضيها تحت أي ظرف كان.
السلطات الليبية شددت على أن أي اتفاقات قد تتم بين كيانات غير خاضعة للشرعية لا تلزم الدولة الليبية، وقد جاء هذا البيان في وقت حساس، إذ أكدت مصادر رسمية في بنغازي أن السلطة التنفيذية في الشرق، التي يترأسها أسامة حماد، نفت بدورها وجود أي اتفاق أو تفاهمات بشأن توطين المهاجرين.
في سياق متصل أصدرت الحكومة الليبية توضيحًا بشأن رحلة طائرة عسكرية إيطالية هبطت في مطار مصراتة، حيث تم تداول شائعات بأنها كانت تحمل مهاجرين تم ترحيلهم من الولايات المتحدة، وقد أكدت الحكومة الليبية أن الطائرة كانت تقل وفدًا عسكريًا إيطاليًا رفيع المستوى في زيارة رسمية لتعزيز التعاون الأكاديمي والتقني في المجال الدفاعي، وأن الرحلة لا علاقة لها بملف المهاجرين.
تجدر الإشارة إلى أن ليبيا تعد نقطة عبور رئيسية لمئات الآلاف من المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، في محاولاتهم للوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، وقد واجه هؤلاء المهاجرون العديد من الصعوبات، حيث وثّقت منظمات حقوق الإنسان تقارير عن سوء المعاملة في مراكز الاحتجاز الليبية.
من جهتها كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد حذرت مرارًا من السفر إلى ليبيا بسبب المخاطر الأمنية والاضطرابات المدنية في البلاد، بما في ذلك الصراع المسلح والجريمة، كما وصفت منظمة العفو الدولية مراكز الاحتجاز في ليبيا بأنها "مروعة" و"جحيم" للمهاجرين.
على الرغم من هذه الظروف تعمل بعض الحكومات الأوروبية على التعاون مع السلطات الليبية لوقف تدفق المهاجرين نحو أوروبا، وهو ما يثير جدلًا واسعًا بين منظمات حقوق الإنسان.
الجدل حول ترحيل المهاجرين إلى ليبيا يأتي في وقت يشهد فيه الوضع في البلاد حالة من الانقسام السياسي بين حكومتين متنافستين، واحدة في طرابلس وأخرى في بنغازي، ما يزيد من تعقيد المواقف حول هذا الملف الحيوي.