استشهد ستة فلسطينيين، فجر اليوم الأحد، إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلاً سكنيًا في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، في تصعيد جديد يعمّق الأزمة الإنسانية في القطاع ويهدد باندلاع جولة عنف جديدة.
وأكدت مصادر طبية في مستشفى أبو يوسف النجار أن الجثامين وصلت متفحمة من شدة القصف، فيما أُصيب عدد آخر من المواطنين بجراح متفاوتة، بينهم نساء وأطفال، وقد تسببت الغارة في تدمير المنزل بالكامل وتسويته بالأرض، وألحقت أضرارًا جسيمة بالمنازل المجاورة، مما أثار حالة من الذعر بين السكان، خاصة مع استمرار تحليق الطائرات الحربية في أجواء المنطقة.
ويأتي هذا القصف في وقت يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية في مناطق متفرقة من القطاع، وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية تلوح في الأفق.
وقد أفادت بعض المصادر محلية بأن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف منزل عائلة أبو طه في حي الجنينة شرقي رفح بصاروخ شديد الانفجار، في ساعة متأخرة من الليل، دون سابق إنذار، وهو ما أدى إلى استشهاد جميع من كانوا داخله، وأظهرت مشاهد أولية من موقع القصف تصاعد أعمدة الدخان والنيران، بينما هرعت طواقم الإسعاف والدفاع المدني لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض.
وقال شهود عيان إن القصف كان مفاجئًا وعنيفًا إلى درجة أن دوي الانفجار هزّ الأحياء المجاورة، وإن فرق الإنقاذ واجهت صعوبات كبيرة في انتشال الجثث بسبب الانهيار الكامل للمبنى، وتُعد هذه الغارة واحدة من أكثر الغارات دموية خلال الأسبوع الجاري، مما أثار موجة غضب وحزن في أوساط الفلسطينيين.
وفي أول تعليق رسمي، أدانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الجريمة ووصفتها بأنها "مجزرة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الأسود"، مؤكدة أن الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب وجود إصابات حرجة.
وبدورها، نددت الفصائل الفلسطينية بالقصف، محذرة من "التمادي الإسرائيلي" وتهديدها بـ"الرد في الوقت والمكان المناسبين"، وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن "العدوان المتكرر على المدنيين الآمنين لن يمرّ دون حساب"، فيما حمّلت حركة حماس الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التصعيد وتبعاته.
ومن جانبها، اكتفت حكومة الاحتلال بالإشارة إلى أن الغارة استهدفت "بنية تحتية إرهابية" دون تقديم تفاصيل إضافية، فيما يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف مناطق جنوب القطاع باعتبارها "نقطة تمركز لعناصر المقاومة" وفق تعبيره.
وأثار القصف حالة من القلق لدى المنظمات الإنسانية والدولية، التي حذرت مرارًا من التبعات الكارثية لاستمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، الذي يعيش سكانه ظروفًا مأساوية منذ أشهر طويلة.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن ما يزيد على 70% من سكان رفح باتوا بين نازح أو متضرر بشكل مباشر من العدوان المتواصل، وتفاقمت معاناة المدنيين مع غياب شبه تام للمساعدات الإغاثية، خاصة في ظل استمرار الحصار وإغلاق المعابر، مما دفع بعائلات بأكملها إلى البحث عن مأوى في المدارس أو في العراء وسط نقص في الغذاء والماء والدواء، وتزداد المخاوف من اتساع رقعة التصعيد في ظل غياب أفق سياسي للحل، واستمرار العمليات الإسرائيلية دون رادع.
ويُذكر أن قطاع غزة يشهد منذ أشهر موجات متكررة من التصعيد العسكري، راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى، وأدت إلى دمار واسع في البنية التحتية، ورغم النداءات الدولية المتكررة لوقف النار والعودة إلى المفاوضات، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى تعنت إسرائيلي متواصل، يقابله إصرار فلسطيني على الصمود والمقاومة.
ويخشى مراقبون من أن يكون القصف الأخير على رفح مؤشرًا على مرحلة أكثر خطورة، خاصة في ظل التحركات العسكرية المكثفة على أطراف القطاع، وغياب أي مساعٍ دولية جادة لاحتواء الأزمة، وفي هذا السياق، تتصاعد الدعوات الشعبية والرسمية في العالم العربي والإسلامي لممارسة ضغط سياسي حقيقي على الاحتلال، ووقف آلة القتل المستمرة بحق أبناء الشعب الفلسطيني.