في خطوة تُجسد رؤيته الطموحة لاستعمار الفضاء، نجح الملياردير الأمريكي إيلون ماسك في تحويل حلمه بإنشاء مدينة خاصة إلى واقع ملموس، بعد أن صوّت سكان منطقة بوكا تشيكا في جنوب تكساس بأغلبية ساحقة لصالح تأسيس مدينة "ستاربيز".
في الثالث من مايو 2025، أُجري تصويت بين سكان المنطقة، التي تضم حوالي 500 نسمة، معظمهم من موظفي شركة "سبيس إكس" وعائلاتهم، وقد أيد 212 شخصًا من أصل 218 مقترح تحويل المنطقة إلى مدينة رسمية، مما يمنح "ستاربيز" صلاحيات بلدية تشمل سن القوانين المحلية، وتوفير الخدمات الأساسية، وإدارة البنية التحتية.
وتُعد "ستاربيز" الآن المقر الرئيسي لأنشطة "سبيس إكس"، حيث تضم مرافق إطلاق واختبار صواريخ "ستارشيب"، التي تُعتبر من أقوى الصواريخ في العالم، والمصممة لنقل البشر إلى القمر والمريخ، كما تخطط الشركة لتوسيع البنية التحتية للمدينة، بما في ذلك إنشاء منشآت تعليمية وترفيهية، بدعم من منحة قدرها 7،5 مليون دولار من لجنة الفضاء في تكساس.
على الرغم من الترحيب الاقتصادي الذي حظيت به "ستاربيز"، أثار تأسيس المدينة مخاوف بين بعض السكان المحليين والجماعات البيئية، الذين أعربوا عن قلقهم من أن تؤدي صلاحيات المدينة الجديدة إلى تقييد الوصول إلى الشواطئ العامة، مثل شاطئ بوكا تشيكا، خلال عمليات إطلاق الصواريخ.
مع ذلك، يؤكد ماسك أن "ستاربيز" تمثل نموذجًا لمستقبل المدن الذكية، حيث تُدار البنية التحتية والخدمات بكفاءة عالية، وتُوفر بيئة مثالية للابتكار والتطوير في مجال الفضاء، وقد دعا عبر منصات التواصل الاجتماعي المهندسين والفنيين للانضمام إلى هذا المشروع الطموح، مشيرًا إلى أن المدينة ستوفر فرص عمل وإقامة للمواهب في مختلف المجالات.
بهذا، تُصبح "ستاربيز" أول مدينة في تكساس تُنشأ خصيصًا لدعم مشروع فضائي، مما يعكس تحولًا في كيفية تصور وتخطيط المدن المستقبلية، ويُعزز من مكانة ماسك كرائد في مجال الابتكار والتطوير التكنولوجي.
وتأتي خطوة تأسيس "ستاربيز" في وقتٍ تشهد فيه مشاريع إيلون ماسك توسعًا متسارعًا في مختلف القطاعات، بدءًا من الفضاء ووصولًا إلى الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة، ويُنظر إلى هذه المدينة الجديدة كحاضنة للأفكار الثورية التي لا تجد لها مكانًا في البنية التقليدية للمدن الكبرى، مما يمنح "سبيس إكس" مرونة استثنائية في تنفيذ تجاربها وإنجاز أهدافها دون القيود الإدارية المعتادة.
من جانبه، أكد عدد من المحللين أن هذه الخطوة ليست فقط انتصارًا شخصيًا لماسك، بل أيضًا مؤشرًا على التحول الجذري في مفهوم المدن بوصفها كيانات ديناميكية تتكيّف مع تطلعات المستقبل، لا سيما في ظل التوجه العالمي نحو الفضاء والاعتماد المتزايد على التقنيات المستدامة، ويرى البعض أن "ستاربيز" قد تُشكّل نواة لمدن فضائية مستقبلية تديرها شركات خاصة، ما يفتح نقاشًا واسعًا حول السيادة والتشريعات في العصور القادمة.