اندلعت شرارة حرب سيبرانية شرسة بين الهند وباكستان، لتفتح جبهة جديدة من المواجهة خارج نطاق السلاح التقليدي، حيث تحولت الخوادم الرقمية وساحات الفضاء الافتراضي إلى ميادين صراعٍ تتقاذف فيها الدولتان الاتهامات وتشنان هجمات رقمية متبادلة، في ظل تصاعد التوترات السياسية والعسكرية، خاصة عقب الأحداث الأخيرة في إقليم كشمير.
وتشير التقارير إلى أن هذا التصعيد السيبراني بدأ مع ازدياد نشاط فرق القراصنة المدعومين من حكومتي البلدين، وسط تحذيرات من تطور هذه الحرب الرقمية إلى صراع أوسع يطال بنى تحتية حساسة ومراكز حكومية رئيسية، خاصة أن البلدين يملكان قواعد بشرية وتقنية متقدمة تؤهلهما لقيادة مواجهات سيبرانية على مستوى إقليمي وربما عالمي.
وبحسب مصادر أمنية وتقارير متخصصة، فقد شهدت الأيام الماضية تعرض الهند لما يقرب من مليون هجوم سيبراني، مصدر معظمها باكستان، إلى جانب دول أخرى مثل إندونيسيا والمغرب، وفقًا لبيانات وحدة "ماهاراشترا سايبر" الهندية، في حين تحدثت الحكومة الباكستانية عن هجمات هندية استهدفت منشآت حيوية، منها المحكمة العليا في كشمير، وجامعة بلوشستان، وشركة نفطية كبرى، فضلًا عن قواعد بيانات تتبع الشرطة.
الهجمات السيبرانية بين الجارتين ليست بجديدة، إذ تعود أولى المواجهات الرقمية إلى عام 2012، غير أن النسخة الحالية من هذه الحرب تحمل طابعًا أكثر تنظيمًا وشراسة، مع دخول فرق متخصصة تابعة للحكومتين، مثل "سايدويندر" و"دروبينغ إليفانت" و"باتش وورك" من الجانب الهندي، مقابل فرق "ترانسبيرنت ترايب" الباكستانية المدعومة أحيانًا من جهات سيبرانية خارجية كـ"تورلا" المرتبطة بروسيا.
وبحسب تقارير دولية، فإن الهند تعرضت في عام 2024 لأكثر من 500 مليون هجوم سيبراني، كما حذرت "كلاود سيك" من احتمال وصول هذه الهجمات إلى تريليون هجوم سنوي بحلول 2033، ما يضعها في صدارة الدول المستهدفة سيبرانيًا، في حين تواجه باكستان أيضًا تصعيدًا في وتيرة الهجمات، خصوصًا على قطاعاتها المالية والحكومية، حيث سجلت "كاسبرسكي" ارتفاعًا بنسبة 114% في الهجمات على القطاع المالي خلال العام الماضي فقط.
ويتجاوز هذا الصراع الطابع الثنائي، حيث تشتبك فيه أطراف دولية بصورة غير مباشرة، إذ تشير دلائل استخباراتية إلى تعاون محتمل بين فرق قرصنة تابعة لروسيا وباكستان، كما يرجح مراقبون أن تسعى الهند إلى تحالفات مماثلة في إطار ما يسمى بتحالفات الفضاء السيبراني.
وبينما تعزز كل من نيودلهي وإسلام آباد ترسانتهما الرقمية، يبقى المدنيون والمؤسسات الحيوية الأكثر عرضة للخطر، خصوصًا في حال اتجهت الهجمات إلى قطاعات الطاقة، البنية التحتية، والخدمات المصرفية، ما ينذر بعواقب اقتصادية وأمنية وخيمة في حال استمرار هذا التصعيد دون ضوابط دولية أو تدخل دبلوماسي جاد.