سجلت منطقة الباحة تميزًا مناخيًا لافتًا، بتصدرها مشهد الأمطار في المملكة خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، بعد أن سجلت أعلى معدل لهطول الأمطار بلغ 90.6 ملم في مركز بيضان التابع لمحافظة بني حسن، هذا الرقم البارز وضع الباحة في صدارة سبع مناطق شهدت أمطارًا متفرقة، في مشهد يعكس التنوع الجغرافي والمناخي الغني الذي تتمتع به المملكة.
وفي التفاصيل التي وردت في التقرير اليومي الصادر عن وزارة البيئة والمياه والزراعة، حول كميات هطول الأمطار في مختلف مناطق المملكة، أوضحت الوزارة أن منطقة الباحة استأثرت بأكثر من موقع غزير الأمطار، حيث سُجّل في المدينة نفسها 45.4 ملم، وفي بني حسن 13.0 ملم، بينما شهدت شبرقة 9.4 ملم، في مؤشر واضح إلى نشاط السحب الممطرة في هذه المنطقة الجبلية.
وشملت الأمطار مناطق عدة أخرى من المملكة، وفق ما رصدته 32 محطة هيدرولوجية ومناخية موزعة على أنحاء متفرقة من البلاد، حيث غطّت الأمطار مناطق الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، القصيم، عسير، حائل، والباحة، مما يدل على اتساع رقعة الغطاء السحابي النشط خلال هذه الفترة.
أما في منطقة القصيم، فقد سجلت النبهانية معدلًا لافتًا بلغ 32.2 ملم، في حين تراوحت كميات الهطول في بقية مراكز القصيم بين معدلات خفيفة إلى معتدلة، إذ سجلت 2.6 ملم في عقلة الصقور، و2.5 ملم في طريق علي بن أبي طالب ببريدة، و1.9 ملم في الأسياح.
وتجلت أيضًا منطقة عسير ضمن قائمة المناطق الممطرة، مع تسجيل 22.4 ملم في مهر ببيشة، و9.1 ملم في مدينة بيشة، إلى جانب 7.8 ملم في النقيع و6.6 ملم في مطار بيشة، ما يعكس استمرار تدفق التيارات الرطبة إلى المنطقة الجنوبية.
وقد أشار التقرير إلى تسجيل 18.0 ملم في العفيرية التابعة لرنية بمنطقة مكة المكرمة، بينما سجلت رنية نفسها 1.4 ملم، و1.2 ملم في العرضيات، في حين بلغت الكمية في مهد الذهب بمنطقة المدينة المنورة 15.0 ملم، وهو رقم جيد بالنظر إلى طبيعة المنطقة الجغرافية.
أما في منطقة الرياض، فقد تم تسجيل 5.0 ملم في محمية سجا الفرع التابعة لمحافظة عفيف، فيما سجلت منطقة حائل 2.8 ملم في الشنان و0.5 ملم في الشيحية ببقعاء، ضمن سلسلة من الهطولات المتفرقة التي شملت معظم مناطق المملكة.
وتأتي هذه الأمطار في وقت يشهد فيه الموسم الانتقالي بين الربيع والصيف نشاطًا ملحوظًا في المنخفضات الجوية والسحب الرعدية، لا سيما في المناطق الجبلية والمرتفعات، ما يجعل من هذه الفترات مصدرًا مهمًا لتعزيز المخزون المائي في السدود والآبار، ودعم القطاع الزراعي الذي يعتمد بشكل كبير على الأمطار الموسمية.
وتعكس هذه الأرقام الدور المهم الذي تقوم به منظومة الرصد الجوي والهيدرولوجي في المملكة، والتي تُمكن الجهات المختصة من اتخاذ التدابير الاستباقية، خاصة في المناطق التي قد تتعرض لتدفقات السيول أو الأمطار الغزيرة، مما يُسهم في تعزيز الأمن المناخي والمائي.
كما لاقت هذه الأجواء الماطرة تفاعلًا كبيرًا من المواطنين والمقيمين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث امتلأت المنصات بصور ومقاطع توثق جمال الطبيعة وسحر الأمطار، لا سيما في منطقة الباحة التي تحولت إلى لوحة خضراء ساحرة، تسر الناظرين.
ويبقى هطول الأمطار نعمة يترقبها الجميع في مختلف مناطق المملكة، نظرًا لأهميتها البيئية والاقتصادية، حيث تُسهم في تحسين جودة الهواء، وتغذية المياه الجوفية، وتنشيط الغطاء النباتي، بما يعكس القيمة الكبيرة للأمطار في دورة الحياة والتنمية المستدامة.