خبراء يحذرون من حالات مطرية استثنائية في السعودية
مايو قد يحمل مفاجآت من السماء: خبراء يحذرون من حالات مطرية استثنائية في السعودية
كتب بواسطة: تميم بدر |

حذر أستاذ المناخ بجامعة القصيم سابقًا، الدكتور عبدالله المسند، من احتمالية تعرض المملكة لحالات مطرية استثنائية خلال شهر مايو الجاري، مشيرًا إلى أن هذا الشهر، رغم اعتباره نهاية لفصل الربيع، قد يحمل في طياته تقلبات جوية ملحوظة، قد تصل في بعض الأحيان إلى مستويات غير معتادة من الغزارة والغموض المناخي. 

وقال الدكتور المسند في تصريحات لوسائل الإعلام إن شهر مايو ليس بمعزل عن النشاط المطري، موضحًا أن الحالة المناخية فيه قد تتسم أحيانًا بالقوة والاستثناء، مستشهدًا بما حدث في مايو من عام 1982 (1402 هـ)، حينما شهدت المملكة وتحديدًا منطقة وادي الرمة، واحدة من أندر وأقوى الحالات المطرية في تاريخها الحديث، حيث سال الوادي بسيل عارم استمر نحو شهرٍ كامل، في مشهد قلّما يتكرر، لا من حيث مدته الزمنية ولا من حيث شدّته. 

وأضاف المسند: "لا يُستغرب هطول المطر في مايو، فالأرض والسماء لا يتقيدان بتقويم بشري، والمطر يُرسل بأمر الله متى شاء، وكيف شاء، وبما شاء، ولمن شاء"، وأوضح أن التغيرات المناخية العالمية وظواهر مثل الاحترار المناخي قد تؤدي إلى تغيير أنماط الطقس المعتادة، مما يفسر بعض الظواهر التي تبدو غير متوقعة أو خارجة عن المألوف. 

وتأتي هذه التحذيرات في وقت تتابع فيه الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة عن كثب تطورات الأحوال الجوية في مختلف مناطق المملكة، ورغم أن شهر مايو غالبًا ما يشهد انخفاضًا تدريجيًا في معدلات الأمطار مقارنة بشهري مارس وأبريل، فإن التحليلات المناخية الحديثة تُشير إلى أن المملكة قد تتأثر بموجات مدارية ورطوبة قادمة من الجنوب الغربي، مما قد يعيد تنشيط الغطاء السحابي ويزيد من احتمالات تكوّن السحب الرعدية على بعض المناطق. 

وتشير سجلات المناخ إلى أن مايو كان في بعض السنوات شهرًا مفصليًا في رسم ملامح الموسم المطري في السعودية، خاصة في المناطق الشمالية والغربية، ففي حين يميل الطقس إلى الاستقرار نسبيًا في وسط وشرق المملكة، تبقى المرتفعات الجنوبية الغربية والجنوبية عرضة لتكوّن السحب الركامية والزوابع الرعدية. 

ويرى خبراء أن التوقعات الحالية لا تعني بالضرورة تكرار سيناريو 1982، لكنها تسلط الضوء على أهمية رفع مستوى الاستعداد لمواجهة أي تطورات مفاجئة، خصوصًا في المناطق التي تتكرر فيها مشكلات تصريف السيول أو التي قد تتأثر بعوامل جيولوجية كالتربة المشبعة أو التضاريس الجبلية. 

وفي هذا السياق، دعت الجهات المختصة مثل الدفاع المدني والأرصاد الجوية المواطنين والمقيمين إلى توخي الحذر، وتجنب الأودية ومجاري السيول خلال فترات التقلبات الجوية، مع متابعة النشرات والتحذيرات الرسمية الصادرة أولاً بأول، كما شددت على أهمية التأكد من جاهزية البنية التحتية في المدن والمناطق المعرضة للسيول، بما يضمن سلامة الأرواح والممتلكات. 

والجدير بالذكر، أن تصريحات الدكتور المسند، التي جاءت بأسلوب علمي تأملي، تعيد إلى الأذهان حقيقة أن الظواهر الطبيعية تتجاوز الحدود الزمنية والتوقعات البشرية، فكما قال "الأرض والسماء لا يُحدّان بتقويم"، وهي عبارة تختصر فلسفة المناخ في منطقة جغرافية متنوعة كالجزيرة العربية، حيث تتقاطع الرياح الحارة والجافة من الشمال، مع التيارات الرطبة القادمة من الجنوب، لتشكّل طقسًا متغيرًا لا يمكن حصره بسهولة في نمط موسمي ثابت. 

ويبقى شهر مايو، رغم ما يُعرف عنه من ميول للاستقرار الحراري، شهرًا مفتوحًا على كل الاحتمالات المناخية، لاسيما في ظل التغيرات المتسارعة في الأنظمة الجوية الإقليمية والدولية، وبينما نترقب ما ستؤول إليه الأيام القادمة، يظل وعي المجتمع واستعداده عنصرين حاسمين في التعامل مع أي مستجدات جوية، سواء كانت استثنائية أم عابرة.