ما زالت مدينة جدة تعيش أجواءً من الفرح العارم، بعدما توّج النادي الأهلي بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة، لأول مرة في تاريخه إثر فوزه المستحق على فريق كاواساكي فرونتال الياباني بهدفين دون رد، التتويج التاريخي الذي أعاد "الراقي" إلى منصات البطولات القارية، جاء بعد مشوار حافل ومثير، توج فيه الفريق جهوده بإحراز اللقب الذي طال انتظاره من جماهيره.
هذا الإنجاز الآسيوي لم يكن مجرد بطولة تُضاف إلى خزائن النادي بل كان له وقع مختلف على الشارع الرياضي السعودي، وأعاد ترتيب المشهد بين كبار الأندية في المملكة، فالأهلي لم يحقق فقط اللقب القاري بل نجح أيضًا في إقصاء منافس شرس هو نادي الهلال بعدما فاز عليه بثلاثة أهداف مقابل هدف في مباراة نصف النهائي، وهو ما كان له تأثير مباشر على البيت الهلالي، حيث تصاعدت الانتقادات الجماهيرية والإعلامية ضد الجهاز الفني وانتهت بإقالة المدرب البرتغالي خورخي خيسوس رغم ما قدمه من نجاحات خلال الموسمين الماضيين.
الاحتفال الأهلاوي كان له طعمه الخاص ليس فقط بسبب تحقيق أول لقب آسيوي، بل لأنه جاء من بوابة الانتصار على الهلال، الغريم التقليدي في المنافسة على البطولات الكبرى، هذا الإنجاز أغضب جماهير "الزعيم" التي حاولت كسر فرحة "مجانين الراقي" عبر حملات من السخرية والطقطقة على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولات للتقليل من شأن البطولة أو إفساد الاحتفال الأهلاوي.
رغم أن الهلال يمتلك سجلًا حافلًا بالبطولات القارية، حيث يُعد أكثر الأندية الآسيوية تتويجًا بالألقاب القارية بعدد أربعة ألقاب إلا أن خروج الفريق من نصف النهائي على يد الأهلي ثم مشاهدة الأخير يعتلي منصة التتويج، شكّل صدمة لجماهير الهلال التي بدت غير قادرة على تقبّل المشهد بسهولة فاختارت طريق "الطقطقة" كوسيلة للتنفيس عن الغضب.
أما جماهير النصر فقد كانت أكثر اتزانًا في ردود فعلها، حيث عبّرت عن سعادتها الغامرة بتتويج الأهلي وباركت له الإنجاز الآسيوي خاصة وأنه جاء على حساب خصمهم التقليدي الهلال، التنافس بين النصر والهلال لطالما اتخذ أبعادًا نفسية لدى جماهير الفريقين وجاء فوز الأهلي ليضيف مشهدًا دراميًا آخر لهذا التنافس، إذ بدت جماهير "مدرج الشمس" راضية بل ومبتهجة بنتيجة لم يحققها فريقهم مباشرة، لكنها جاءت على حساب غريمهم الأكبر.
المفاجأة الأكبر لم تكن في موقف الهلال فقط بل في ردة فعل جماهير الاتحاد، المنافس التقليدي للأهلي في مدينة جدة، فعلى الرغم من أن الإنجاز يخص مدينة واحدة إلا أن جماهير الاتحاد لم تُظهر أي دعم بل اتجهت هي الأخرى إلى السخرية من التتويج الأهلاوي مستندة إلى أن ناديها يملك في تاريخه بطولتين من دوري أبطال آسيا، وهو ما استُخدم كأداة للمقارنة والتقليل من قيمة إنجاز الأهلي، وأطلق بعض المشجعين تصريحات على مواقع التواصل تؤكد أن البطولة "نسخة ضعيفة" وأن الاتحاد سبق الأهلي في هذه المحافل القارية بسنوات طويلة.
السخرية المتبادلة بين الجماهير كشفت عن عمق الغيرة الكروية بين أندية "الصندوق" كما يسميها البعض في إشارة إلى الهلال والاتحاد تحديدًا، وبينما يعيش الأهلاويون نشوة الإنجاز والتاريخ الذي سُطّر باسم ناديهم فإن الواقع كشف عن حساسية كبيرة في العلاقة بينهم وبين جماهير الفرق المنافسة، الذين لم يتقبلوا بسهولة أن يسطع نجم جديد على الساحة القارية.
في النهاية يظل التتويج الآسيوي إنجازًا يُحسب للأهلي سواء اتفق أو اختلف معه الجمهور المنافس، فالفوز ببطولة قارية لا يتحقق كل يوم وخاصة حين يأتي بعد فترة من الغياب عن الألقاب الكبرى، والأهلي بهذا التتويج لم يسعد فقط جماهيره بل أثبت أنه رقم صعب في خارطة الكرة الآسيوية وأن طموحه لا يقل عن طموح أي من كبار القارة حتى وإن حاول البعض التقليل من إنجازه.