منطقة نجران
ثورة زراعية في نجران: الطرق المبتكرة تضاعف المحصول!
كتب بواسطة: رضا سمكي |

شهدت زراعة منطقة نجران نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة، بفضل اعتماد أساليب الزراعة الحديثة والمبتكرة التي شملت البيوت المحمية والزراعة العمودية، وقد ساهمت هذه التقنيات في زيادة الإنتاج بشكل ملحوظ، وتقليص المساحات الزراعية المستخدمة، والحفاظ على المياه عبر نظم ريّ أكثر كفاءة واقتصادًا في الاستهلاك.

من جانب آخر أدت مبادرات تدوير المخلفات الزراعية وإنتاج سماد «الكومبوست» العضوي إلى تعزيز خصوبة التربة ورفع جودة المحاصيل، وقد تحول السماد العضوي إلى رافدٍ اقتصادي مهم للمزارعين، بعد أن خفّض تكاليف الأسمدة التقليدية وقلل الاعتماد على المبيدات الكيميائية، مساهمًا في تعزيز الأمن الغذائي داخل المنطقة.

تتمتع نجران بعوامل بيئية محفزة للزراعة؛ فالتربة الخصبة والمناخ المعتدل ووفرة موارد المياه الجوفية والسطحية جعلت منها بيئة مثالية لزراعة مجموعة واسعة من المحاصيل على مدار العام، ومن المحاصيل الرئيسية التي تشتهر بها المنطقة الحبوب بأنواعها والتمور والحمضيات والخضروات الورقية والعنب، إلى جانب استحداث محاصيل جديدة مثل البن والأرز والفراولة ونبتة الأستيفيا.

أوضح الرئيس التنفيذي لجمعية البن التعاونية في نجران المزارع علي ظافر آل الحارث، أن الجمعيّة لعبت دورًا محوريًا في تشجيع الاستزراع التجاري لمحاصيل جديدة خالية من المبيدات والأسمدة الكيميائية، وأضاف أن التجارب الميدانية لاقت نجاحًا لافتًا، وحققت إنتاجًا ينافس الأسواق المحلية والدولية، ما شجّع نشطاء القطاع على تبني أساليب الزراعة الحديثة وتطبيقها على نطاق أوسع.

كان المزارعون يعتمدون في الماضي على الطرق التقليدية مثل الحراثة بالحيوان ونظم الري البسيطة التي كانت تستهلك كميات كبيرة من المياه، ومع دخول التكنولوجيا الزراعية وتطوير الأساليب تحولت ممارسات الزراعة من مجهود يدوي كثيف إلى عمليات أكثر اتقانًا وتنظيمًا، باستخدام أنظمة تنقية المياه وتقنيات الزراعة الدقيقة التي تحدد حاجات النباتات من العناصر الغذائية.

جهود حكومية كبيرة لتطوير الزراعة

من جهتها وفّرت وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة نجران برامج إرشادية متخصصة للمزارعين، شملت ورش عمل ومحاضرات وندوات حول استصلاح التربة والمحافظة عليها، واعتماد تقنيات الزراعة الحديثة، وحرص الفرع على تقديم الشتلات الجيدة التشجيرية وتوفير الدعم الفني إلى جانب تشجيع الاستثمار في المشاريع الزراعية والصناعات الغذائية المرتبطة بها.

علّق مدير فرع الوزارة في نجران المهندس عبد الكريم الشهري، على التطورات بالقول: «نعمل على تمكين المزارعين بالمهارات والخبرات التي تؤهلهم لتحويل القطاع الزراعي إلى إحدى الركائز الاقتصادية للمنطقة، عبر تطبيق ممارسات زراعية مستدامة توفر المحاصيل بكفاءة عالية»، وأكد أن الوزارة تستهدف رفع مساهمة الزراعة في الناتج المحلي، وتوسيع رقعة الأراضي المروية بتقنيات حديثة.

كما أسهمت مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تقديم قروض ميسرة للمزارعين وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المجال الزراعي، وقد استفاد من هذه البرامج عشرات الشباب الريفي الذين أقاموا مشاريع إنتاج خضروات وفواكه عضوية عالية الجودة، ما أتاح لهم فرص عمل جديدة وزاد من دخل الأسر الزراعية.

تشير الإحصاءات الميدانية إلى نمو سنوي في حجم الإنتاج الزراعي بنجران تجاوز 15%، مقارنة بالفترات السابقة قبل تطبيق التقنيات الحديثة، وقد انعكس ذلك إيجابًا على أسعار المنتجات الزراعية في الأسواق المحلية، وأسهم في استقرار الأسعار وتوفير السلع للمواطنين والمقيمين بأسعار تنافسية.

أكد المزارع علي آل الحارث أن مستقبل الزراعة في نجران واعد، لا سيما مع التوجه الوطني نحو تحقيق الأمن الغذائي وتنويع موارد الاقتصاد وفق رؤية المملكة 2030، وأضاف: «إن الالتزام بالممارسات المستدامة والابتكار في الزراعة سيضمن استمرارية النمو، ويعزز مكانة نجران كمركز زراعي متميز في المملكة».