وزارة التعليم السعودي تعلن إغلاق حسابات المدارس على جميع مواقع التواصل
قرار حاسم من وزارة التعليم السعودي: إغلاق حسابات المدارس على جميع مواقع التواصل لهذا السبب
كتب بواسطة: محمد وزان |

في خطوة لافتة تعكس توجّهًا واضحًا نحو تنظيم المحتوى الرقمي وضبط الخطاب الإعلامي التعليمي، أصدر وزير التعليم السعودي، يوسف البنيان، قرارًا رسميًا يقضي بإغلاق جميع الحسابات الرسمية التابعة للمدارس الحكومية والمعاهد ومكاتب التعليم على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وقد أثار القرار الذي جرى تعميمه مؤخرًا على كافة قطاعات التعليم العام في مناطق المملكة، موجة من النقاش بين المهتمين بالشأن التربوي والإعلامي، لِما يحمله من تغييرات جذرية في طريقة تواصل المؤسسات التعليمية مع المجتمع. 

وبحسب القرار، فإن المسؤولية الإعلامية في نشر أخبار المدارس والمعاهد ومكاتب التعليم لن تكون بعد اليوم منوطة بتلك الجهات نفسها، بل سيتم نقل هذه المهمة بالكامل إلى إدارات التعليم الرسمية في المناطق، وبذلك تصبح إدارات التعليم القنوات الوحيدة المعتمدة لإبراز الأنشطة والمبادرات والمناسبات التعليمية التي كانت تتولى المدارس عرضها سابقًا عبر حساباتها الخاصة. 

ويأتي القرار في سياق أوسع من الجهود التي تبذلها وزارة التعليم لتنظيم العمل الإعلامي داخل المؤسسات التعليمية، وضمان التزامه بالسياسات العامة للدولة فيما يتعلق باستخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وقد برّرت مصادر مطلعة هذا التوجه بضرورة الحفاظ على وحدة الخطاب الإعلامي التربوي، وتجنّب التباين في الرسائل والمضامين المنشورة من قبل المدارس بشكل فردي. 

ويشير مراقبون إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تزايدًا ملحوظًا في عدد الحسابات الرسمية التي تديرها المدارس على منصات مثل "تويتر" و"إنستغرام" و"سناب شات"، والتي تجاوز عددها آلاف الحسابات في مختلف مناطق المملكة، وقد وفّرت هذه المنصات نافذة تواصل مباشرة بين المدرسة وأولياء الأمور والطلبة والمجتمع، مما جعلها وسيلة فعّالة للتعريف بالأنشطة اليومية والفعاليات والمبادرات المحلية. 

ولكن في المقابل، فإن التفاوت في مستوى الجودة، وغياب بعض المدارس عن الضوابط الإعلامية، بالإضافة إلى حوادث نشر غير دقيقة أو غير مناسبة في بعض الحالات، دفعت بالوزارة إلى اتخاذ قرار مركزي لضبط الأداء وتوحيد القنوات الإعلامية تحت إشراف مباشر من إدارات التعليم. 

وقد تفاوتت ردود الفعل على القرار في الأوساط التعليمية، بين مؤيد يرى فيه خطوة ضرورية لضمان الاحترافية والموثوقية، ومعارض يعتبره تقييدًا للمبادرات الذاتية، وحرمانًا للمدارس من أدوات كانت تساهم في تعزيز حضورها المجتمعي. 

وفي ضوء هذا التحول، يُتوقّع أن تواجه إدارات التعليم مسؤولية إضافية في تغطية عدد ضخم من المدارس والأنشطة، مع ما يتطلبه ذلك من إمكانات بشرية وفنية عالية، ويُنتظر أن تعيد هذه الإدارات ترتيب فرقها الإعلامية وتوسيع نطاق عملها لتواكب الكم الكبير من المحتوى الذي كان يُدار سابقًا على مستوى المدارس. 

وقد طالبت بعض الأصوات بضرورة إنشاء منصات موحّدة أو بوابات رقمية خاصة بكل إدارة تعليم، تتيح استقبال المواد الإعلامية من المدارس وفق آليات محددة، ومن ثم نشرها بشكل احترافي ومنسّق، لضمان عدم ضياع أي جهد ميداني، ولتحقيق العدالة الإعلامية بين مختلف المؤسسات التعليمية. 

ولا يأتي القرار الجديد بمعزل عن التوجهات العامة للدولة في مجال الحوكمة الرقمية، وتنظيم الفضاء الإعلامي العام، فخلال السنوات الماضية، شهدت المملكة عدة مبادرات تهدف إلى ضبط المحتوى المنشور على الإنترنت، وتحقيق معايير الأمن الرقمي، وحماية المؤسسات من الاستخدام غير المسؤول للمنصات الرقمية. 

كما تندرج هذه الخطوة ضمن مساعي وزارة التعليم نحو تحسين الصورة الذهنية للمؤسسات التعليمية، وضمان تقديم محتوى متوازن يعكس جودة التعليم، ويعزز من مكانة المدرسة كمؤسسة تربوية لا مجرد مصدر إخبار.

وفيما يُنتظر أن تُصدر وزارة التعليم آليات تنفيذية واضحة للقرار، تبقى الأنظار متجهة نحو إدارات التعليم، التي يقع على عاتقها الآن واجب تمثيل كل مدرسة بعدالة، وتحقيق التوازن بين الضبط المؤسسي وإبراز الجهود الميدانية.