في تطور مفاجئ هزّ المشهد السياسي في صربيا، تم نقل الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إلى أحد المستشفيات العسكرية في العاصمة بلغراد صباح اليوم السبت، عقب تعرضه لوعكة صحية مفاجئة استدعت تدخلًا طبيًا عاجلًا.
وأفادت مصادر رسمية أن الرئيس شعر بآلام حادة في الصدر ودوار شديد فور عودته من زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، حيث قطع جدول أعماله بشكل غير متوقع نتيجة تفاقم حالته الصحية أثناء وجوده هناك.
وقد أشارت مصادر من داخل القصر الرئاسي إلى أن الأطباء في ميامي نصحوه بعدم السفر، إلا أن فوتشيتش أصرّ على العودة إلى بلاده لتلقي العلاج، ما أثار قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية حول مدى خطورة حالته.
أدخل الرئيس إلى الأكاديمية الطبية العسكرية فور وصوله، حيث خضع لفحوصات شاملة أظهرت وجود اضطرابات في ضغط الدم ونبضات القلب، وهو ما تطلّب مراقبة دقيقة لتفادي أي مضاعفات قد تؤثر على استقرار حالته، وقد أكد الفريق الطبي أن الرئيس يعاني من ارتفاع ضغط دم حاد ناجم على الأرجح عن الإرهاق البدني والتوتر النفسي الناتج عن جدول أعمال مزدحم خلال زيارته الخارجية.
وأفاد الدكتور دراغان دينتشيك، أحد أبرز الأطباء المشرفين على حالته، أن المؤشرات الحيوية للرئيس بدأت بالتحسن بعد ساعات من وصوله، مشيرًا إلى أن الرئيس خضع لعلاج دوائي مكثّف ويُتوقع أن يغادر المستشفى خلال 48 ساعة في حال استمر استقرار وضعه.
تأتي هذه الحادثة في توقيت حساس بالنسبة للحكومة الصربية، إذ تواجه القيادة السياسية ضغوطًا متزايدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة موجات من الاحتجاجات الشعبية في عدة مدن صربية، كان أبرزها في بلغراد ونوفي ساد، احتجاجًا على ما وصفه المتظاهرون بـ"سوء الإدارة وتفشي الفساد داخل أجهزة الدولة".
وتطالب المعارضة بفتح تحقيقات موسعة في عدة قضايا، منها انهيار مبنى حكومي ومخالفات مزعومة في عقود حكومية كبرى، وفي هذا السياق، يُنظر إلى صحة الرئيس باعتبارها عاملًا حاسماً في ضمان استمرارية السلطة واستقرار مؤسسات الدولة في ظل هذه الأزمات.
وعلى المستوى الدولي، كان من المقرر أن يشارك فوتشيتش في قمة أوروبية مرتقبة الأسبوع المقبل في بروكسل، تُعقد ضمن إطار المحادثات المستمرة بشأن انضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن الشكوك باتت تحيط الآن بإمكانية حضوره، ما قد يؤثر على صورة صربيا كدولة مرشحة جادة تسعى لتحقيق إصلاحات مؤسساتية وقانونية شاملة.
كما أثارت زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة جدلاً في الداخل، خاصة بعد تسريبات أشارت إلى خلافات حادة في بعض اللقاءات الدبلوماسية حول ملفي كوسوفو والطاقة، وهو ما قد يكون ساهم في توتير الأجواء المحيطة بالرئيس وإرهاقه بشكل غير مسبوق.
ومن جانبها، لم تصدر الرئاسة الصربية حتى الآن بيانًا تفصيليًا حول الحالة الصحية للرئيس أو مدة غيابه المتوقعة عن أداء مهامه، مكتفيةً بتأكيد أنه يتلقى الرعاية المناسبة وأن وضعه الصحي "تحت السيطرة"، كما أعرب عدد من المسؤولين الحكوميين عن تضامنهم مع الرئيس، مؤكدين أن مؤسسات الدولة ستواصل أداء مهامها دون انقطاع خلال فترة تعافيه.
ويأمل مراقبون أن تكون هذه الحادثة فرصة لمراجعة نمط العمل الرئاسي وضغط المهام اليومية، لا سيما وأن هذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها فوتشيتش المستشفى خلال فترة ولايته، ما يفتح الباب أمام تساؤلات جادة حول الحالة الصحية لرأس الدولة وتأثيرها على مستقبل البلاد السياسي.