وافقت لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، برئاسة الدكتور أشرف حاتم، خلال اجتماعها المنعقد اليوم الثلاثاء، بشكل نهائي على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم (127) لسنة 1955، المتعلق بمزاولة مهنة الصيدلة، وذلك في خطوة تشريعية مهمة تعكس اهتمام الدولة بتحديث منظومة المهن الصحية بما يتوافق مع التطورات العلمية والعملية في القطاع الطبي والصيدلي.
وجاءت الموافقة بحضور المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارتي الصحة والتعليم العالي، الذين أكدوا دعمهم الكامل لمضامين التعديلات التي تهدف إلى تعزيز كفاءة ممارسي مهنة الصيدلة في مصر، ومواءمة متطلبات سوق العمل مع أسس التدريب والتأهيل المهني الحديث.
وفي مداخلته، أوضح الدكتور أشرف حاتم، رئيس اللجنة، أن مشروع القانون يمثل تحديثًا جوهريًا لقانون مزاولة مهنة الصيدلة الذي صدر منذ ما يقرب من سبعة عقود، وتحديدًا في عام 1955، مشيرًا إلى أن الواقع المهني والتعليمي لمجال الصيدلة قد شهد تغيرات نوعية خلال السنوات الأخيرة، أبرزها إدخال برامج البكالوريوس في الصيدلة الإكلينيكية، واعتماد سنة تدريبية إلزامية بعد انتهاء سنوات الدراسة الجامعية الخمس.
وأضاف أن هذه السنة التدريبية، التي تُعد بمثابة فترة امتياز، أصبحت معتمدة من قبل المجلس الأعلى للجامعات، وتُدرج ضمن البرنامج الأكاديمي لكليات الصيدلة، وتشبه إلى حد كبير نظام التدريب الإلزامي المعمول به في كليات الطب، الأمر الذي يعكس التوجه العام نحو تعزيز المهارات العملية للخريجين قبل منحهم رخصة مزاولة المهنة رسميًا.
وأشار حاتم إلى أن أحد أبرز التعديلات الجوهرية في مشروع القانون يتمثل في اشتراط اجتياز خريجي الصيدلة للامتحان المقرر من قبل "المجلس الصحي المصري" بعد انتهاء السنة التدريبية، كشرط أساسي للحصول على ترخيص مزاولة مهنة الصيدلة، وأكد أن هذا الإجراء سيضمن التأكد من امتلاك الخريجين للمعارف والمهارات الضرورية قبل انخراطهم في سوق العمل، ما يسهم في حماية المريض وضمان جودة الخدمة الصيدلية المقدمة.
كما لفت رئيس اللجنة إلى أن التعديل يشمل أيضًا النص على صرف مكافأة شهرية للمتدربين من خريجي كليات الصيدلة الحكومية خلال فترة التدريب، بحد أدنى يبلغ 2500 جنيه شهريًا، وهو ما يوازي المكافأة المقررة لأطباء الامتياز، ويعكس مبدأ المساواة والعدالة في المعاملة داخل المهن الصحية المختلفة، وأوضح أن النص يتيح لرئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض من وزير الصحة، تعديل هذه المكافأة وفقًا لما تقتضيه الظروف الاقتصادية والمالية.
وشدد الدكتور حاتم على أن هذه السنة التدريبية ليست سنة دراسية تقليدية، وإنما فترة تطبيق عملي في ميادين العمل الصيدلي، سواء داخل المستشفيات أو الصيدليات أو معامل التحاليل ومراكز التصنيع الدوائي، مؤكدًا أنها خطوة نحو تفعيل مفهوم "الصيدلي الإكلينيكي" كجزء أساسي من الفريق الطبي المسؤول عن رعاية المرضى.
وأكد أعضاء اللجنة الحاضرون في الاجتماع دعمهم الكامل لمشروع القانون، مشيرين إلى أن التطوير في منظومة التعليم والتأهيل المهني لمهنة الصيدلة يعد ضرورة وطنية، خصوصًا في ظل التحديات الصحية المتزايدة التي تتطلب مهنيين مؤهلين تأهيلاً عاليًا.
وفي ختام الاجتماع، أعلنت لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب عن إعداد تقرير شامل يتضمن تفاصيل مشروع القانون، تمهيدًا لعرضه على الجلسة العامة للمجلس لمناقشته والتصويت عليه خلال الفترة التشريعية القادمة.
يُذكر أن هذا التعديل يأتي في سياق خطة شاملة تتبناها الدولة لتطوير منظومة المهن الطبية والصحية، وتحقيق التكامل بين مكونات الفريق الطبي بما يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وضمان توافق التعليم الطبي مع المعايير العالمية ومتطلبات التنمية الوطنية.