غارات إسرائيل على سوريا
بعد غاراتها المكثفة: إسرائيل تلوّح بحماية الدروز وسط تنديد دولي متصاعد
كتب بواسطة: محمد صالح |

أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان رسمي، عن جاهزية قواته لتوفير الحماية لأبناء الطائفة الدرزية في سوريا، في ظل ما وصفه بـ"التهديدات الأمنية المتصاعدة" التي تواجهها بعض قرى جبل الدروز جنوب سوريا، وجاء هذا الإعلان في أعقاب تقارير عن تصاعد التوترات في تلك المنطقة، وتزايد القصف والاشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، واعتبر مراقبون أن هذا الموقف الإسرائيلي يحمل أبعادًا سياسية وعسكرية في آنٍ معًا، خصوصًا مع الطبيعة الحساسة للوجود الدرزي في الجولان المحتل وفي الداخل الإسرائيلي.

تصريحات الجيش جاءت عقب ضغوط من قيادات درزية داخل إسرائيل، بما في ذلك أعضاء كنيست وزعماء مجتمعيون، طالبوا الحكومة باتخاذ خطوات لحماية الدروز في سوريا، مشيرين إلى الروابط العائلية والثقافية التي تربط بين الطائفة في البلدين، وأكد متحدث باسم الجيش أن القوات على استعداد لاتخاذ خطوات "إذا اقتضت الضرورة" لحماية قرى بعينها من "الاعتداءات المتكررة"، دون أن يحدد طبيعة هذه الخطوات أو مدى تدخل إسرائيل عسكريًا داخل الأراضي السورية.

وفي المقابل، شهدت الأيام الأخيرة تنديدًا واسعًا من عدة عواصم عربية وغربية بالغارات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، والتي استهدفت مواقع عسكرية ومدنية على حد سواء، ووصفت وزارة الخارجية السورية الضربات بأنها "عدوان ممنهج يهدد الأمن الإقليمي"، فيما طالبت روسيا وإيران مجلس الأمن بالتدخل لوقف "الانتهاكات المستمرة للسيادة السورية"، وتعتبر هذه الغارات جزءًا من الحملة الإسرائيلية المعلنة للحد من النفوذ الإيراني في سوريا، لكنها كثيرًا ما تؤدي إلى خسائر بشرية وأضرار في البنية التحتية.

وقد حذروا بعض المحللون العسكريون من أن الجمع بين تهديدات إسرائيل بالتدخل لحماية الدروز واستمرار الضربات الجوية قد يفتح الباب أمام تصعيد أمني جديد في المنطقة، وتخشى أطراف دولية من أن يؤدي هذا التدخل المحتمل إلى مواجهات غير محسوبة مع القوات السورية أو حتى الروسية المنتشرة في الجنوب السوري، كما أن إيران و"حزب الله" قد ينظران إلى أي تحرك عسكري إسرائيلي مباشر على الأرض كذريعة للرد في الجولان أو جنوب لبنان، ما يهدد بتوسيع رقعة المواجهة.

وفي الداخل الإسرائيلي، تباينت ردود الفعل بين مؤيدين يرون في حماية الدروز "واجبًا أخلاقيًا"، وبين رافضين لتحركات قد تجرّ البلاد إلى مواجهة مباشرة على الأراضي السورية، في حين حذر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا جراء الضربات المتكررة، داعين جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي وحقوق المدنيين، وتستمر إسرائيل في سياستها القائمة على ما تسميه "ضربات استباقية" ضد تهديدات أمنية، إلا أن التكلفة السياسية والدبلوماسية لهذه العمليات آخذة في التزايد.

يعيش أبناء الطائفة الدرزية في سوريا وضعًا معقدًا يتأرجح بين ضغوط الداخل السوري ومخاوف من أن تتحول مناطقهم إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية، فبينما يطالب البعض داخل الطائفة بالحفاظ على الحياد وتجنب الانجرار إلى أي صراع، تتصاعد الدعوات من أطراف خارجية لضمان حمايتهم، مما يثير مخاوف لدى شريحة واسعة من السوريين من أن يؤدي هذا "الاهتمام المفاجئ" إلى تحويل القرى الدرزية إلى ذريعة للتدخل العسكري أو لتبرير أجندات إقليمية.

ويؤكد ناشطون دروز في جبل العرب أن الحل الحقيقي يكمن في وقف كل أشكال التصعيد، وترك القرار لأبناء المنطقة دون ضغوط من أي طرف خارجي.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار