أعلنت جماعة الحوثي، اليوم، أن طائرات أمريكية شنت تسع غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية في محافظتي الحديدة ومأرب غرب وشرق اليمن، ما يمثل تصعيدًا جديدًا في وتيرة المواجهة بين الجماعة المسلحة والقوات الأمريكية، التي كثفت من ضرباتها الجوية في المنطقة منذ بداية عام 2024، وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين إن الضربات طالت مواقع قرب مطار الحديدة ومناطق متعددة في مديريات مأرب، مؤكدًا أن هذا "الاعتداء لن يمر دون رد"، واصفًا الهجوم بأنه "انتهاك واضح للسيادة اليمنية".
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الولايات المتحدة في حملتها العسكرية ضد الحوثيين، والتي بدأت مع تصاعد الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، ومنذ مطلع عام 2024، نفذت القوات الأمريكية عشرات الضربات الجوية التي استهدفت منصات إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة تابعة للجماعة، وذلك في محاولة لردعها عن مهاجمة الممرات البحرية الحيوية التي تمر عبرها نسبة كبيرة من التجارة العالمية.
من جانبها، شددت جماعة الحوثي على أن هذه الضربات الجوية لن تردعها عن مواصلة عملياتها ضد السفن التي تقول إنها "مرتبطة بإسرائيل أو تدعم العدوان على غزة"، واعتبر قادة الجماعة في تصريحات متلفزة أن ما تقوم به واشنطن هو "دعم مباشر للكيان الصهيوني"، متوعدين بردود عسكرية في "الزمان والمكان المناسبين"، بما يعزز احتمالات اتساع رقعة التصعيد في الإقليم.
في الأثناء، تتزايد المخاوف الدولية من أن تؤدي هذه المواجهات إلى شلل في حركة الملاحة في البحر الأحمر، الذي يعد شريانًا حيويًا للتجارة بين الشرق والغرب، وقد دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب استهداف المناطق المدنية، مؤكدة أن استمرار الأعمال العسكرية سيزيد من تدهور الوضع الإنساني في اليمن، الذي يعيش أصلاً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
مصادر محلية في مأرب والحديدة أفادت بأن الغارات الأخيرة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، من بينهم مدنيون، فضلاً عن أضرار في منشآت ومنازل ومرافق خدمية، وتحدث شهود عيان عن حالة من الذعر انتابت السكان، خاصة في المناطق القريبة من مواقع الانفجارات، في وقت أعربت منظمات إغاثية عن خشيتها من أن تتسبب هذه العمليات في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مئات الآلاف من الأسر اليمنية.
ويرى مراقبون أن هذا التصعيد يعيد الأزمة اليمنية إلى مربع المواجهة بعد فترة من التهدئة النسبية التي أعقبت مشاورات السلام غير المباشرة، ويخشى المحللون من أن استمرار الضغط العسكري الأمريكي قد يؤدي إلى تصلب موقف الحوثيين، ما سيعقّد أي جهود دبلوماسية مرتقبة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة التي تشهدها المنطقة، لا سيما بين واشنطن وطهران.
في هذا السياق، تحذّر تقارير أمنية من أن تصعيد الهجمات في مأرب، وهي منطقة غنية بالموارد وتعد من آخر معاقل الحكومة اليمنية، قد يؤدي إلى اختلال ميزان القوى في الداخل اليمني، ويزيد من احتمالات نشوء موجات نزوح جديدة، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية واسعة النطاق.
وبينما يبقى التصعيد سيد الموقف، تزداد الدعوات الدولية لتجنيب اليمن مزيدًا من الدمار، خاصة في ظل تعقّد المشهد الإقليمي وتشابك المصالح الدولية، ما يجعل أي خطأ في الحسابات كفيلًا بإشعال نزاع يتجاوز الحدود اليمنية.