في اليوم الحادي والخمسين من استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة، يتواصل التصعيد العسكري وسط مشاهد الدمار والمآسي الإنسانية، فقد أعلنت كتائب القسام عن استهدافها "قوة صهيونية" شرق خان يونس عبر تفجير حقل ألغام، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف القوات الإسرائيلية، وأعقبت الكتائب هذا التفجير بقصف مدفعي على المكان، مما أسفر عن تدمير آلية عسكرية وشوهدت مروحيات تقوم بإخلاء الجرحى من الموقع، وفقاً لما أفاد به بيان القسام، هذه العملية تأتي في إطار رد الفصائل الفلسطينية على الهجمات الإسرائيلية المستمرة، والتي تكثفت في الأيام الأخيرة، مستهدفة مختلف مناطق قطاع غزة.
وتستمر الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع مخلفة المزيد من الشهداء والجرحى، ومنذ فجر يوم أمس، ارتفعت حصيلة الشهداء إلى 66 شخصاً، بينهم ما لا يقل عن 20 مدنياً سقطوا في مجزرة جديدة عقب قصف مدرسة تؤوي نازحين في مخيم البريج وسط القطاع، تعتبر هذه الحادثة واحدة من أعنف الهجمات التي تستهدف المدنيين في موجة العنف الأخيرة، وقد أثار هذا التصعيد العسكري ردود فعل دولية منددة بقتل المدنيين واستهداف المنشآت المدنية.
في ظل هذه الظروف، تتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل حاد في القطاع، حيث حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من توقف جميع المستشفيات عن العمل نتيجة نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية، وقال محمد زقوت، المدير العام للمستشفيات في غزة، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل عرقلة نقل الوقود من مخازن المنظمات الدولية إلى المستشفيات، ما يهدد حياة مئات المرضى، وأكد زقوت أن الوضع الصحي في القطاع يقترب من مرحلة الانهيار الكامل إذا لم يتم إدخال الوقود بشكل عاجل.
تترافق هذه الأزمات الإنسانية مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يضاعف معاناة المصابين وضحايا القصف المستمر، وتشير التقارير إلى أن العديد من المراكز الصحية باتت عاجزة عن استقبال المزيد من الجرحى نتيجة الضغط المتزايد ونقص الإمكانيات، وتعمل الطواقم الطبية في ظروف بالغة الصعوبة، معتمدة على ما تبقى من مخزون الوقود، الذي يتناقص بسرعة بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.
من جهة أخرى، لا تقتصر المعاناة الفلسطينية على قطاع غزة وحده؛ ففي الضفة الغربية، بدأت قوات الاحتلال تنفيذ مخطط هدم لأكثر من 100 مبنى سكني في مخيمي طولكرم ونور شمس، تأتي هذه العمليات في إطار ما وصفته الأونروا بأنه "تهجير قسري" يزيد من معاناة الفلسطينيين في الضفة، وقد حذرت الوكالة الأممية من أن استمرار هذه الممارسات سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وزيادة معدلات النزوح الداخلي.
وفيما يستمر القصف الجوي على غزة، تتصاعد وتيرة المواجهات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، وقد سجلت اشتباكات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال في طولكرم، حيث استخدمت القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المحتجين، ما أسفر عن وقوع إصابات متفاوتة الخطورة.
تسعى المنظمات الحقوقية الدولية إلى تسليط الضوء على الانتهاكات المرتكبة في حق المدنيين، داعية المجتمع الدولي للتدخل من أجل وقف التصعيد وحماية السكان المدنيين، إلا أن المساعي الدبلوماسية ما تزال تراوح مكانها في ظل تمسك الأطراف المتحاربة بمواقفها وتواصل الهجمات التي لا تفرق بين مواقع عسكرية ومدنية.
في هذا السياق، تعالت الدعوات الدولية لفتح ممرات إنسانية تسمح بإدخال المساعدات الطبية والوقود إلى القطاع، إلا أن الحصار المستمر يجعل من تنفيذ هذه المطالب أمراً بالغ الصعوبة، وفي الوقت الذي تتزايد فيه معاناة المدنيين، تتصاعد أيضاً المخاوف من انهيار كامل للخدمات الأساسية في غزة، ما يهدد بكارثة إنسانية واسعة النطاق.