في تطور ميداني خطير على الساحة اللبنانية، شنت طائرة استطلاع إسرائيلية من دون طيار غارة استهدفت سيارة مدنية كانت تسير في محيط مدينة النبطية الواقعة جنوب لبنان، وأفادت مصادر أمنية لبنانية بأن الغارة وقعت عصر أمس، وأسفرت عن اشتعال النيران في السيارة المستهدفة بالكامل، بينما لم تُعرف حتى الآن هوية من كان على متنها أو ما إذا كانت هناك إصابات أو خسائر بشرية.
شهود عيان في المنطقة تحدثوا عن سماع دوي انفجار قوي تبعه تصاعد ألسنة لهب من إحدى الطرق الفرعية المؤدية إلى النبطية، قبل أن تهرع سيارات الإطفاء والإسعاف إلى الموقع، ولم تعلن إسرائيل رسميًا حتى الآن مسؤوليتها عن العملية، إلا أن طبيعة الهجوم وتوقيته ينسجمان مع سلسلة من الاستهدافات التي نفذتها إسرائيل مؤخرًا داخل الأراضي اللبنانية في إطار ما تصفه بتضييق الخناق على تحركات حزب الله.
الاستهداف الجوي يأتي في وقت تشهد فيه الحدود اللبنانية الإسرائيلية توترًا متصاعدًا منذ أشهر، وسط عمليات قصف متبادلة واتهامات متبادلة بين الجانبين، وقد وُصِف هذا الهجوم بأنه يحمل دلالة تصعيدية ورسالة واضحة بأن إسرائيل ماضية في تنفيذ عمليات استباقية تستهدف ما تعتبره تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
مصادر مقربة من حزب الله التزمت الصمت حتى لحظة كتابة هذا التقرير، بينما أفادت تقارير إعلامية بأن الحزب بدأ بإجراء تحقيقات ميدانية لتحديد هوية السيارة والمستهدفين فيها، وقد عُرف عن الحزب خلال الأشهر الماضية اتباعه سياسة "الغموض البنّاء" في التعليق على الهجمات الإسرائيلية، بانتظار استكمال التحقيقات أو اتخاذ قرار بالرد العسكري في توقيت يراه مناسبًا.
من جهتها، لم تُصدر الحكومة اللبنانية تعليقًا رسميًا حتى اللحظة، بينما دعا عدد من النواب اللبنانيين إلى تحقيق دولي في الغارة التي تمثل خرقًا جديدًا للسيادة اللبنانية وتهديدًا للاستقرار الهش في الجنوب، ويُخشى أن يؤدي هذا الحادث إلى جولة جديدة من التصعيد على طول الخط الأزرق، خاصة إذا ما تبين أن المستهدف شخصية بارزة أو قيادي في فصائل المقاومة.
توقيت الغارة يثير تساؤلات أيضًا حول مدى ارتباطها بالتطورات الإقليمية المتلاحقة، لا سيما مع تصاعد التوتر في مناطق أخرى من الشرق الأوسط، ما قد يُرجّح فرضية التنسيق الاستخباراتي المسبق وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وبعض الأطراف الدولية أو الإقليمية.
وفيما تتواصل التحقيقات وسط تكتم أمني شديد، يشهد الجنوب اللبناني حالة من الاستنفار الشعبي والأمني، حيث انتشرت القوى الأمنية في محيط المنطقة المستهدفة لتأمينها ومنع تجمهر المدنيين، فيما تعالت الأصوات المطالِبة بموقف دولي حازم يُدين الاستباحة المتكررة للأراضي اللبنانية.
يبقى المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات، في ظل غياب أي بوادر تهدئة أو حلول سياسية، بينما يبقى المواطن اللبناني هو الخاسر الأكبر في لعبة كسر العظم الدائرة بين إسرائيل وحزب الله، والتي تُنذر بجولات دامية قد تتكرر في أي لحظة ما دامت لغة السلاح هي السائدة.