المستشار الألماني الجديد
المستشار الألماني الجديد لترامب: لا تتدخلوا في سياساتنا
كتب بواسطة: رولا نادر |

في أول تصريح له بعد توليه منصب المستشارية، وجه المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس رسالة واضحة إلى الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، طالبًا فيها بعدم التدخل في السياسات الداخلية لألمانيا، هذه الرسالة، التي اتسمت بلهجة دبلوماسية حازمة، عكست رغبة القيادة الجديدة في برلين بالحفاظ على سيادة القرار الألماني، وتعزيز استقلالية الموقف الأوروبي في وجه الضغوط الخارجية.

المستشار ميرتس، الذي يحظى بدعم واسع من الأوساط السياسية والشعبية في بلاده، أكد أن العلاقة مع الولايات المتحدة تظل ركيزة مهمة في السياسة الخارجية الألمانية، إلا أن ذلك لا يعني القبول بإملاءات أو توجيهات تمس بالمصالح الوطنية الألمانية أو تتعدى على خياراتها السيادية، وأضاف أن ألمانيا، كقوة أوروبية كبرى، قادرة على اتخاذ قراراتها بشكل مستقل دون الحاجة إلى وصاية أو تدخلات من أي جهة كانت.

وفي خضم تصاعد التوترات السياسية بين برلين وواشنطن، خصوصًا في ما يتعلق بملفات الدفاع والاقتصاد والطاقة، جاءت تصريحات المستشار الجديد لتكرّس نهجًا مغايرًا عن المرحلة السابقة، حيث يُنتظر أن تنتهج ألمانيا سياسة أكثر وضوحًا في الرد على الضغوط الأمريكية، خاصة فيما يخص مشروع "نورد ستريم 2" واتفاقيات الدفاع داخل حلف شمال الأطلسي.

وأشار المسؤول الألماني إلى أن أوروبا في حاجة ماسة إلى تقوية موقفها الموحد، ومواجهة ما وصفه بمحاولات الهيمنة التي قد تعرقل المسار الأوروبي المستقل، وأكد أن ألمانيا، باعتبارها أكبر اقتصاد في أوروبا، ستعمل على قيادة الاتحاد الأوروبي نحو مواقف متماسكة تحفظ مصالحه الاستراتيجية، وتحدّ من الاعتماد المفرط على واشنطن، سواء في المجال العسكري أو الاقتصادي.

تصريحات المستشار الألماني أثارت ردود فعل متباينة داخل الأوساط الدولية، ففي حين رحب بعض القادة الأوروبيين بالموقف الألماني الواضح، معتبرين أنه يصب في مصلحة التوازن العالمي، عبرت الإدارة الأمريكية عن استيائها الضمني من هذه الرسائل، مشيرة إلى أن التعاون عبر الأطلسي يجب أن يقوم على "الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة" لا المواجهات العلنية.

من جهة أخرى، رأى مراقبون أن هذه التصريحات تمثل تحولاً استراتيجيًا في السياسة الألمانية، إذ تسعى برلين إلى استعادة دورها القيادي داخل أوروبا، بالتوازي مع الحد من النفوذ الأمريكي المتزايد في الشؤون الأوروبية، وهو ما قد يُحدث شرخًا في العلاقة التقليدية بين الولايات المتحدة وألمانيا، التي لطالما اتسمت بالتنسيق العالي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

الشارع الألماني بدوره بدا متجاوبًا مع موقف المستشار الجديد، إذ أظهرت استطلاعات للرأي أن غالبية الألمان يؤيدون اتخاذ مواقف أكثر استقلالية من الولايات المتحدة، خاصة بعد سلسلة الخلافات التي شهدتها العلاقات بين البلدين في عهد ترامب، أبرزها الخلاف حول الميزانية الدفاعية لألمانيا، والسياسات البيئية، والتبادل التجاري.

ومع بداية ولاية المستشار الجديد، يبدو أن ألمانيا تتجه نحو صياغة دور جديد لها في العالم، دور يعتمد على الشراكات المتوازنة والمصالح المتبادلة، لا على التبعية أو الاستجابة للضغوط، وهو ما قد يعيد رسم خارطة العلاقات عبر الأطلسي في السنوات المقبلة، ويعزز من مكانة ألمانيا كقوة عالمية مستقلة.