الفيدرالي الأمريكي
الفيدرالي الأمريكي: استمرار أسعار الفائدة بين 4.25% و4.5%
كتب بواسطة: رولا نادر |

في خطوة متوقعة تعكس نهجًا حذرًا في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية الراهنة، قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثالثة على التوالي خلال عام 2025، في محاولة لاحتواء معدلات التضخم وتقييم التأثيرات المحتملة للقرارات التجارية الأخيرة، وفي مقدمتها الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية.

وأعلنت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، في اجتماعها الذي عُقد اليوم الأربعاء، استمرار النطاق المستهدف للفائدة بين 4.25% و4.5%، وهو نفس المستوى الذي تم تثبيته في الاجتماعين السابقين، بعد سلسلة من التخفيضات بلغت نقطة مئوية كاملة، تم توزيعها على اجتماعات سبتمبر ونوفمبر وديسمبر 2024، بحسب ما أوردته شبكة "الشرق بلومبيرغ".

وأشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي في بيانهم الرسمي إلى أن قرار التثبيت يستند إلى ضرورة التريث في إجراء مزيد من التخفيضات على أسعار الفائدة حتى تتضح اتجاهات التضخم بشكل أكثر ثباتًا، حيث لا تزال المؤشرات تُظهر تباطؤًا تدريجيًا، لكن دون أن تصل إلى مستوى الاستقرار المستهدف والبالغ 2%.

وتأتي هذه الاستراتيجية في إطار محاولة الموازنة بين دعم النمو الاقتصادي من جهة، وضمان عدم الإفراط في التيسير النقدي الذي قد يُغذي موجة تضخم جديدة، وهي المخاوف التي لطالما حذر منها صناع السياسة النقدية في الأشهر الماضية.

كما أوضح الفيدرالي أنه يأخذ في الاعتبار الآثار المحتملة للرسوم الجمركية التي أعلنتها الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترمب مؤخرًا، والتي من شأنها التأثير على سلاسل التوريد، وكلفة الواردات، وأسعار السلع محليًا، وهي عوامل ترتبط بشكل مباشر بمعدلات التضخم.

وتأتي هذه الرسوم كجزء من استراتيجية تجارية جديدة تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على بعض الأسواق الخارجية، إلا أن الفيدرالي يخشى أن تتسبب هذه الإجراءات في ضغط تصاعدي على الأسعار، ما يجعل من الضروري التريث قبل اتخاذ قرارات جديدة بشأن السياسة النقدية.

وقد استقبلت الأسواق قرار التثبيت بحذر، حيث فسره المستثمرون على أنه تأكيد على غموض المشهد الاقتصادي المستقبلي، وتأكيد لعدم وجود نية قريبة لتخفيض الفائدة مجددًا ما لم تظهر إشارات قاطعة على كبح جماح التضخم.

وفي هذا الإطار، شدد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في تصريحات لاحقة، على أن اللجنة "لن تتردد في اتخاذ الإجراءات الضرورية في حال لاحظت تسارعًا في التضخم مرة أخرى"، مؤكدًا أن "الأولوية القصوى لا تزال تتمثل في تحقيق الاستقرار السعري الكامل".

يواجه الاحتياطي الفيدرالي مهمة معقدة تتطلب تحقيق توازن دقيق بين كبح التضخم دون خنق النمو الاقتصادي أو التسبب في تباطؤ مفرط، خاصة في ظل مؤشرات على تراجع معدل البطالة، وتحسن في بعض قطاعات الاقتصاد الأمريكي.

وقد أظهرت بيانات حديثة تباطؤًا طفيفًا في إنفاق المستهلكين، ما يعزز من احتمالية حدوث استقرار تدريجي للأسعار، إلا أن التحديات الجيوسياسية والتجارية الحالية تفرض مزيدًا من الضغوط التي تستدعي الترقب قبل اتخاذ خطوات جديدة في السياسة النقدية.

يُنتظر أن تُحدد البيانات الاقتصادية خلال الأشهر المقبلة مسار الفيدرالي في النصف الثاني من العام، حيث من المحتمل أن تشهد السوق قرارات جديدة في حال استمرار التضخم في التراجع، أو على العكس، العودة إلى دورة تشديد نقدي في حال ظهور مؤشرات غير متوقعة.

ويؤكد خبراء الاقتصاد أن استراتيجية "الانتظار والمراقبة" التي يتبعها الفيدرالي حالياً تمثل نهجًا مرنًا ومحسوبًا، يتيح تقييم المشهد الكامل قبل الانخراط في تحركات حاسمة قد تكون ذات تكلفة عالية على الاقتصاد الأمريكي والعالمي على حد سواء.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار