في خطوة هزت المشهد السياسي اليمني المتأزم أصلاً، أعلن رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك اليوم السبت تقديم استقالته رسمياً إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، منهياً بذلك فترة قيادة امتدت لنحو 15 شهراً للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. تأتي هذه الاستقالة في ظل تحديات سياسية وإدارية عميقة تعصف بالبلاد الذي مزقته الحرب.
وكشف بن مبارك في بيان استقالته عن أسباب جوهرية دفعته لاتخاذ هذه الخطوة، أبرزها حرمانه من ممارسة صلاحياته الدستورية في صنع القرارات الضرورية لإصلاح مؤسسات الدولة المتعثرة. وأشار بوضوح إلى عائق رئيسي تمثل في "عدم تمكيني من إجراء التعديل الحكومي المستحق"، وهو ما يعكس صراعاً خفياً على السلطة داخل أروقة الحكم اليمني.
يعد بن مبارك من الشخصيات السياسية المخضرمة في المشهد اليمني، حيث شغل منصب وزير الخارجية وشؤون المغتربين منذ عام 2020، قبل أن يتولى رئاسة الحكومة في الخامس من فبراير 2024 خلفاً لمعين عبد الملك. ويمتلك بن مبارك، المولود في عدن عام 1968، خلفية أكاديمية قوية متمثلة في شهادتي الدكتوراه والماجستير في إدارة الأعمال من جامعة بغداد.
تبرز أهمية دور بن مبارك السياسي في مساره التاريخي، خاصة مشاركته في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل عام 2012، حيث انتخب مقرراً لها كممثل مستقل، وهو ما أكسبه خبرة في التعامل مع التوافقات السياسية المعقدة في الساحة اليمنية.
تضع هذه الاستقالة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أمام تحديات جديدة في ظل صراع ممتد وأزمة إنسانية متفاقمة. وتفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين مؤسسات الدولة في ظل تنازع الصلاحيات الذي أشار إليه رئيس الوزراء المستقيل، مما يضع المجتمع الدولي والأطراف اليمنية أمام مسؤولية تجاوز هذه المرحلة الحرجة للحفاظ على مؤسسات الدولة من الانهيار.