قال وزير الزراعة واستصلاح الأراضي إن مؤشرات موسم حصاد القمح لهذا العام كشفت عن تحسن ملحوظ في إنتاجية المحصول على مستوى الجمهورية، بنسبة زيادة تتراوح بين 7% و10% مقارنة بالموسم الماضي، وهو ما يُعد دلالة واضحة على نجاح السياسات الزراعية المطبقة خلال السنوات الأخيرة، والتي تستهدف رفع كفاءة منظومة زراعة القمح باعتباره محصولاً استراتيجياً يمثل حجر الزاوية في الأمن الغذائي المصري.
وأوضح الوزير أن هذا التحسن لم يكن مفاجئاً، بل جاء نتيجة مباشرة لحزمة الإجراءات المتكاملة التي تبنتها الدولة لتعزيز الإنتاج الزراعي، بدءاً من دعم المزارعين بالتقاوي المحسنة، وتوفير الأسمدة المدعومة، وانتهاءً بتطبيق الإرشادات الفنية الحديثة في كل مرحلة من مراحل الزراعة.
وأضاف أن الزيادة الملحوظة في إنتاجية الفدان تُظهر أن هناك تجاوباً حقيقياً من قبل الفلاحين مع التوصيات الفنية التي تطرحها الوزارة، خاصة ما يتعلق باستخدام أصناف مقاومة للأمراض وملائمة للظروف المناخية المتغيرة.
وتابع الوزير أن الوزارة حرصت على التوسع في إقامة الحقول الإرشادية على مستوى المحافظات، والتي تجاوز عددها هذا العام 7 آلاف حقل موزعة على مختلف مناطق الجمهورية، حيث يتم من خلالها تدريب المزارعين ميدانياً على أحدث أساليب الزراعة والري والتسميد، كما أشار إلى أن هذه الحقول ساعدت في نقل نتائج البحوث التطبيقية من مراكز البحث العلمي إلى أرض الواقع، وهو ما انعكس في النهاية على تحسين جودة القمح وارتفاع الكميات المنتجة.
وشدد على أن النهج القائم على التكامل بين البحث العلمي والإدارة الميدانية للزراعة بدأ يعطي ثماره بشكل تدريجي، خاصة مع ما تشهده الدولة من توسع في الرقعة الزراعية ضمن مشروعات قومية كبرى مثل مستقبل مصر والدلتا الجديدة، وأوضح أن الدولة لا تستهدف فقط زيادة المساحات المزروعة، بل تحسين كفاءة الفدان نفسه من خلال إدخال تقنيات الزراعة الذكية، والتي تشمل نظم الري الحديث، والاستشعار عن بُعد، واستخدام التكنولوجيا في المتابعة والتقييم.
وأشار الوزير إلى أن تحسين إنتاجية القمح لا يعني فقط وفرة في الكمية، بل يحمل أبعاداً اقتصادية واستراتيجية بالغة الأهمية، أبرزها تقليص الاعتماد على الاستيراد، خاصة في ظل تقلبات الأسواق العالمية وارتفاع أسعار الحبوب بشكل غير مسبوق، وأكد أن ما يتم تحقيقه حالياً في ملف القمح هو جزء من رؤية أشمل تستهدف بناء قطاع زراعي مستدام قادر على مواجهة التحديات الخارجية، وتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي في الغذاء.
وفي السياق ذاته، قال الوزير إن الدولة تدرك تماماً أهمية توفير مناخ ملائم للمزارعين، ولهذا عملت على تسهيل إجراءات التمويل الزراعي، ووفرت المدخلات الأساسية في التوقيت المناسب، إلى جانب رفع سعر توريد القمح؛ لتشجيع الفلاحين على التوسع في زراعته، ولفت إلى أن هذا الموسم شهد استجابة واسعة من المزارعين بفضل تلك السياسات المحفزة؛ مما ساعد على تحقيق نتائج إيجابية لم تُسجل منذ سنوات.
كما نوه الوزير إلى أن التحسن في الإنتاجية صاحبه كذلك تطور في جودة المحصول، وهو ما سيؤثر بشكل إيجابي على الصناعات المرتبطة بالقمح مثل الطحن والمخابز، فضلاً عن تقليل الفاقد في أثناء التخزين والنقل، في ظل ما توفره الدولة حالياً من صوامع حديثة ووسائل نقل متطورة، وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد استكمال هذا المسار التصاعدي من خلال استثمارات إضافية في البنية التحتية الزراعية والخدمية.
واختتم الوزير تصريحاته بالتأكيد على أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تأمين احتياجاتها من القمح، ليس فقط عن طريق زيادة الإنتاج المحلي، بل أيضاً من خلال إدارة فعّالة للموارد، وبناء شراكات بين الجهات الحكومية والمزارعين، مشيراً إلى أن ما تحقق هذا العام يُعد بداية قوية لمرحلة جديدة من التحول في قطاع الحبوب، عنوانها الرئيسي هو الاعتماد على الذات وتقليل التبعية للأسواق الخارجية.