في تصعيد جديد للتوترات في منطقة الشرق الأوسط، وجه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يوم الخميس، تحذيرًا شديد اللهجة إلى إيران بشأن دعمها للحوثيين في مجال التمويل والتسليح، وتصريحات كاتس جاءت في سياق تصاعد الصراع الإقليمي مع محور يضم إيران وحلفاءها في المنطقة، وسط مخاوف من انزلاق الوضع إلى مواجهة مفتوحة.
وقال كاتس في تصريحاته التي نقلتها هيئة البث الإسرائيلية: "أحذّر القيادة الإيرانية التي تموّل وتسلح وتدير الحوثيين"، وهذه الكلمات تأتي بعد سلسلة من الهجمات التي شنها الحوثيون ضد أهداف إسرائيلية، بما في ذلك الهجوم الأخير الذي استهدف مطار تل أبيب، مما أثار قلقًا عميقًا داخل إسرائيل وأعاد توجيه الأنظار نحو تصاعد دور إيران في دعم الجماعات المسلحة بالمنطقة.
وأضاف كاتس بنبرة صارمة: "عهد الوكلاء انتهى و(محور الشر) قد انهار"، في إشارة إلى أن إسرائيل لن تتهاون بعد الآن مع سياسة إيران القائمة على استخدام الحلفاء والوكلاء لتحقيق أهدافها الإقليمية، وتابع قائلا: "ما فعلناه بـحزب الله وحماس والأسد والحوثيين سنفعله في طهران"، وهو تصريح يعكس تحذيرًا مباشرًا بأن إسرائيل قد تنقل معركتها إلى الأراضي الإيرانية إذا استمر التصعيد.
وكان هذا الموقف الحازم قد تجلى أيضًا في بيان مشترك صدر الثلاثاء بين كاتس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث أكدا أن إيران ستتحمل "كاملة" عواقب أي هجوم يشنه حلفاؤها الحوثيون ضد إسرائيل، وجاء في البيان: "هذا تحذير لرأس الأخطبوط الإيراني: أنت مسؤول بشكل مباشر عن أي هجوم من ذراع الحوثيين ضد دولة إسرائيل، وستتحمل العواقب كاملة"، ويعد هذا التصريح بمثابة تذكير لإيران بأن دورها في توجيه ودعم الحوثيين لن يمر دون رد.
ويبدو أن إسرائيل باتت ترى في الحوثيين تهديدًا مباشرًا على أمنها، بعد أن كانت تركّز تقليديًا على جماعات مثل حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة، وهذا التحول في الخطاب الإسرائيلي يعكس مخاوف حقيقية من تزايد قدرات الحوثيين الصاروخية وتوسيع نطاق عملياتهم ليشمل الأراضي الإسرائيلية، ومع هذا التحول، تزايدت التكهنات بأن إسرائيل قد تستهدف مستقبلاً منشآت إيرانية في اليمن أو حتى داخل إيران نفسها، في محاولة لكبح جماح الحوثيين ووقف تدفق الأسلحة المتطورة إليهم.
وفي إطار هذا التصعيد، وصف كاتس الحوثيين بأنهم "ذراع إيراني" في المنطقة، وأنهم "سيتلقون ضربات قاسية إذا واصلوا الهجمات علينا"، وأكد أن الجيش الإسرائيلي "مستعد لأي مهمة"، ما يشير إلى أن إسرائيل قد تكون بصدد توسيع نطاق عملياتها العسكرية إلى ما هو أبعد من الحدود التقليدية مع لبنان وسوريا.
يأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه المنطقة تقاربًا أمريكيًا حوثيًا بوساطة عمانية، حيث تحدثت تقارير عن تفاهم مبدئي بين الولايات المتحدة والحوثيين على وقف الهجمات المتبادلة، وهو ما أثار استياء إسرائيل التي تخشى أن يُفضي هذا الاتفاق إلى تهميشها في معادلة الردع الإقليمية.
وبينما تحاول إيران تعزيز نفوذها في اليمن وتحويل الحوثيين إلى قوة إقليمية تهدد إسرائيل، يبدو أن تل أبيب تستعد لمواجهة طويلة الأمد مع طهران، وتصريحات كاتس اليوم تعكس بوضوح هذا الاستعداد، مشددًا على أن إسرائيل لن تتردد في اتخاذ إجراءات عسكرية مباشرة ضد إيران إذا شعرت أن أمنها مهدد.
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى قدرة إسرائيل على تنفيذ تهديداتها ضد إيران في حال استمرت الهجمات الحوثية، وهل ستتطور هذه التصريحات إلى عمليات عسكرية فعلية أم ستبقى مجرد جزء من الحرب النفسية بين الطرفين.