تخفيف قيود الدفع في متجر أبل
آبل تُرغم على التراجع: تخفيف قيود الدفع في متجر "آب ستور" بعد معركة قضائية طويلة
كتب بواسطة: حكيم حميد |

في خطوة مفاجئة تُعد تحولًا لافتًا في سياسة شركة أبل، أعلنت الشركة الأمريكية العملاقة، اليوم الأحد، عن تخفيف القيود التي تفرضها على عمليات الدفع داخل التطبيقات في متجر "آب ستور"، استجابة لضغوط قضائية متواصلة من عدة جهات تنظيمية حول العالم، لا سيما في الولايات المتحدة، ويسمح القرار الجديد للمطورين بإضافة روابط توجه المستخدمين إلى أنظمة دفع خارجية، وهو ما كان محظورًا لسنوات طويلة بموجب قواعد أبل الصارمة التي تفرض استخدام نظام الدفع الخاص بها فقط، مقابل عمولة تصل إلى 30%، ويُعد هذا الإعلان أحد أبرز التنازلات التي تقدمها أبل في إطار سعيها لتفادي المزيد من الإجراءات القانونية والإدانات المرتبطة بالاحتكار.

وتأتي هذه الخطوة بعد صدور حكم قضائي في محكمة الاستئناف الأمريكية في قضية شركة Epic Games ضد أبل، وهي القضية التي جذبت أنظار العالم التقني منذ عام 2020، عندما تحدّت "إيبك"، المطورة للعبة "فورتنايت"، سياسات "آب ستور" ووصفتها بأنها تقييدية وغير عادلة، ورغم أن المحكمة لم تُدن أبل بكونها تحتكر السوق، إلا أنها قضت بأن على الشركة السماح للمطورين بتوجيه المستخدمين إلى وسائل دفع خارجية، مما يُعد انتصارًا جزئيًا للمطورين والمنافسين، وقد حاولت أبل مقاومة تنفيذ القرار عبر استئناف الحكم، لكنها أعلنت اليوم تراجعها، والتزامها بتعديل السياسات بدءًا من الأسابيع القليلة المقبلة، مع تطبيق تغييرات تدريجية تضمن توافق المتجر مع المعايير القانونية الجديدة.

وفي هذا السياق، أوضحت أبل في بيان صحفي أن الهدف من التعديل هو "الامتثال لقرار المحكمة، والحفاظ على توازن بين حماية المستخدمين وتوفير مرونة للمطورين"، لكنها شددت في الوقت ذاته على أنها ستحتفظ ببعض الضوابط، من بينها أن أي رابط خارجي يجب أن يتم وفق شروط تقنية وأمنية تضعها الشركة، كما أنها ستحتفظ بحق تقاضي عمولة محددة، وإن كانت أقل من النسبة التقليدية. 

وقد أثار هذا البيان ردود فعل متباينة بين المطورين، حيث عبّر بعضهم عن ارتياحهم للخطوة، بينما رأى آخرون أنها لا تزال تفتقر إلى التحرر الكامل من هيمنة أبل على آليات الدفع، ويتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التفاصيل حول كيفية تطبيق القرار، والشروط التي ستفرضها أبل على الروابط الخارجية.

وتُعد هذه الخطوة من أبل مثالًا صارخًا على الضغوط المتزايدة التي تواجهها شركات التكنولوجيا الكبرى من قبل الجهات التنظيمية والقضائية في العديد من الدول، ففي أوروبا، تبنّى الاتحاد الأوروبي "قانون الأسواق الرقمية" الذي يفرض على المنصات الكبرى، مثل أبل وغوغل، فتح أنظمتها لمزيد من التنافس، فيما تسعى اليابان وكوريا الجنوبية والهند إلى تشريعات مشابهة تقيّد قدرة الشركات الكبرى على فرض عمولات مرتفعة أو سياسات مقيدة. 

ومن شأن هذه البيئة التشريعية الجديدة أن تغيّر وجه الاقتصاد الرقمي بشكل جذري خلال السنوات المقبلة، مما سيعيد تشكيل علاقة المستخدمين والمطورين بمتاجر التطبيقات ويعزز من فرص الشركات الناشئة التي كانت تتضرر سابقًا من السياسات الاحتكارية.

وتتجه الأنظار الآن إلى ردود أفعال بقية الشركات الكبرى، مثل غوغل، التي تواجه دعاوى مشابهة بشأن سياسات متجر "بلاي ستور"، كما يتوقع محللون أن تفتح خطوة أبل المجال لمزيد من الابتكار في نماذج الدفع داخل التطبيقات، خاصة في مجالات الألعاب الرقمية والخدمات المالية وخدمات الاشتراك. 

ويبقى السؤال المطروح: هل ستقود هذه التحولات إلى إعادة صياغة قواعد اللعبة في السوق الرقمي، أم أنها مجرد تنازلات محدودة تُقدَّم تحت الضغط؟ والجواب مرهون بما ستسفر عنه الأسابيع المقبلة من تطورات تشريعية واستجابات من جانب الشركات، في مشهد يشهد احتدامًا غير مسبوق بين الابتكار والمساءلة القانونية.