تيك توك وميتا
تيك توك في صف ميتا؟ عملاقا التقنية وجهاً لوجه في المحكمة
كتب بواسطة: احمد قحطان |

في تطور لافت في معركة قانونية كبرى، لجأت شركة "ميتا" المالكة لفيسبوك وإنستغرام، إلى استراتيجية غير معتادة للدفاع عن نفسها في قضية احتكار رفعتها الحكومة الأمريكية، عبر الترويج لمنصة منافسة هي "تيك توك"، في محاولة لإثبات أن سوق وسائل التواصل الاجتماعي متنوع وتنافسي، وأنها ليست الجهة المهيمنة الوحيدة.

في مذكرة دفاعها المقدّمة للمحكمة، شدّدت "ميتا" على أن تيك توك، المملوكة لشركة "بايت دانس" الصينية، تُعد من أقوى المنافسين حاليًا في السوق الرقمية، بل وتمكنت خلال فترة قصيرة من جذب شريحة ضخمة من المستخدمين، خاصة من فئة الشباب، وهو ما ينسف – حسب ميتا – ادعاءات الهيمنة أو احتكار السوق.

وتأتي هذه الخطوة في سياق دعوى قضائية رفعتها لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) ضد "ميتا"، تتهمها فيها بإساءة استخدام موقعها المهيمن والاستحواذ على شركات مثل "إنستغرام" و"واتساب" في صفقات اعتبرتها الحكومة تهديدًا للمنافسة العادلة.

وقدمت ميتا دلائل على أن عدد مستخدمي تيك توك في الولايات المتحدة تجاوز بالفعل مستخدمي فيسبوك بين الفئات العمرية الشابة، معتبرة أن هذا التحول يبرهن على أن المستخدمين يملكون خيارات متعددة، وأن السوق لا يدار بقبضة احتكارية كما تزعم لجنة التجارة.

ورغم أن العلاقة بين ميتا وتيك توك تتسم بالمنافسة الشديدة، إلا أن الترويج لمنصة خصم بهدف إثبات التعددية السوقية يعكس تعقيدات المشهد القانوني والسياسي في وادي السيليكون، حيث تحاول الشركات العملاقة الدفاع عن نفسها أمام ضغوط متزايدة من المنظمين الأمريكيين،

ويخشى مراقبون من أن نجاح الدعوى ضد ميتا قد يفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الحكومية لتفكيك أو إعادة هيكلة شركات التكنولوجيا الكبرى، في وقت تتصاعد فيه الدعوات داخل الكونغرس الأمريكي لتقييد النفوذ المتزايد للمنصات الرقمية.

وفي المقابل، يرى خبراء قانونيون أن استخدام ميتا لتيك توك كحجة قد يفتح على الشركة أبوابًا أخرى من الجدل، خصوصًا مع تزايد الحديث في الولايات المتحدة عن حظر تيك توك أو فرض قيود صارمة عليها بدواعي الأمن القومي، مما قد يُضعف مصداقية دفاعها.

وفي انتظار حكم المحكمة، تبقى هذه القضية واحدة من أكثر القضايا حساسية في تاريخ تنظيم عمل شركات التكنولوجيا، وقد ترسم ملامح المرحلة المقبلة لما يُعرف بـ"اقتصاد المنصات".

من ناحية قانونية، يحاول محامو ميتا التأكيد على أن الهيمنة لا تُقاس فقط بعدد المستخدمين أو عوائد الإعلانات، بل بالقدرة على منع المنافسين من النمو، وهو ما يرون أنه لا ينطبق على تيك توك، الذي ازدهر رغم وجود ميتا، كما أشاروا إلى أن "السوق يتغير بسرعة كبيرة لدرجة لا تسمح باحتكار حقيقي، وأن التهديدات التكنولوجية الجديدة تظهر باستمرار".

وفي رد ضمني على هذه الدفاعات، اعتبرت لجنة التجارة الفيدرالية أن ميتا "اشترت طريقها إلى الهيمنة"، في إشارة إلى استحواذها على واتساب وإنستغرام، وهي تحركات ترى اللجنة أنها أضعفت المنافسة قبل أن تولد، وحرمت المستخدمين من بدائل حقيقية، وتصر اللجنة على أن هذه الممارسات ليست دفاعًا عن النفس، بل إساءة استخدام للقوة السوقية.

أما من الجانب الاستراتيجي، فإن خطوة ميتا بالترويج لتطبيق تعتبره تهديدًا، تأتي كرهان على مخاطبة القضاء الأمريكي بلغة السوق المفتوح، لكن هذا الدفاع قد يكون سلاحًا ذا حدين، إذ أنه يُبرز هشاشة موقف الشركة أمام تيك توك في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لحظر التطبيق الصيني لأسباب أمنية، ما قد يُربك السردية التي تحاول ميتا تثبيتها.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار