وفاة الشيخ الدكتور سعد البريك: العالم والداعية الذي أفنى عمره في خدمة الدعوة والفقه.
وفاة الشيخ الدكتور سعد البريك: العالم والداعية الذي أفنى عمره في خدمة الدعوة والفقه
كتب بواسطة: سالي حسنين |

في مشهد من الحزن والأسى، ودّعت المملكة العربية السعودية اليوم واحدًا من أبرز علمائها ودعاتها المعاصرين، الشيخ الدكتور سعد بن عبدالله البريك، الذي وافته المنية صباح اليوم السبت في مدينة الرياض عن عمر ناهز 63 عامًا، بعد مسيرة علمية ودعوية حافلة بالعطاء والتأثير في ميادين الخطابة والفقه والدعوة.

موعد الصلاة والتشييع

أعلنت أسرة الشيخ الراحل أن الصلاة عليه ستُقام غدًا الأحد بعد صلاة الظهر في جامع الراجحي بمدينة الرياض، أحد أكبر جوامع المملكة، ومن المتوقع أن يحضر الصلاة عدد كبير من العلماء والدعاة وطلاب العلم ومحبي الشيخ، لما كان له من مكانة واسعة وتأثير ملموس في الوسط الدعوي والعلمي بالمملكة وخارجها.

من هو الشيخ سعد البريك؟

ولد الشيخ سعد بن عبدالله البريك يوم الاثنين 14 رمضان 1381هـ الموافق 19 فبراير 1962م، وترعرع في بيئة علمية ودينية جعلت من العلم الشرعي محور حياته منذ نعومة أظفاره، عرف منذ بداياته بحبه للعلم والدعوة، وكان لحفظه المبكر للقرآن الكريم ومتابعته للعلماء الأثر الكبير في تكوين شخصيته العلمية والدينية.

مسيرة أكاديمية متميزة

حصل البريك على درجة البكالوريوس في الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1403هـ، من قسم الاقتصاد في كلية الشريعة، وهو القسم الذي جمع بين العلم الشرعي والمعرفة الاقتصادية المعاصرة.

واصل الشيخ دراسته العليا في المعهد العالي للقضاء، وهو من أبرز المعاهد القضائية في المملكة، حيث حصل على درجة الدكتوراه من قسم الفقه المقارن بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، وكانت أطروحته لنيل الدكتوراه بعنوان: "تنصيص اختيارات الإمام الخطابي الفقهية"، وهو عمل علمي دقيق تناول فيه اختيارات أحد أعلام الفقه الإسلامي بمنهج تحليلي استقرائي يُظهر قدرته الفقهية العالية وعمقه في فقه المقارنة والاجتهاد.

خطابٌ مؤثر وصوت دعوي بارز

عرف الشيخ سعد البريك بأسلوبه الخطابي المؤثر، وكان من أكثر الدعاة حضورًا في المنابر الدعوية والبرامج التلفزيونية والمحاضرات العامة والملتقيات الإسلامية داخل المملكة وخارجها.

امتاز خطابه بالوضوح والاعتدال، وكان حريصًا على مخاطبة شرائح المجتمع كافة بلغة تجمع بين التأصيل الشرعي والطرح الواقعي، ما جعل له قبولاً واسعًا بين الشباب والنخب الدينية والاجتماعية.

مواقف عامة ورؤى إصلاحية

لم يكن الشيخ البريك بعيدًا عن قضايا الأمة والمجتمع، بل كان دائمًا حاضرًا برؤاه ومداخلاته التي تنم عن وعي عميق بواقع العالم الإسلامي وتحدياته، وكان يدعو إلى الوحدة والاعتدال والتكاتف، محذرًا من الغلو والانحراف، مؤكدًا على ضرورة الجمع بين الأصالة والمعاصرة في الفكر والممارسة الدعوية.

إرث علمي وبصمة دعوية

ترك الشيخ سعد البريك إرثًا كبيرًا من المحاضرات والخطب والبرامج والكتابات، التي تناولت مختلف قضايا العقيدة والفقه والتربية والسلوك، كما ساهم في الإشراف على عدد من المشاريع الدعوية والتعليمية، وكان له دور بارز في دعم طلاب العلم والدعاة الشباب، ما جعل أثره ممتدًا في نفوس أجيال عديدة.

الوفاة والرحيل في وقت الحاجة

يأتي رحيل الشيخ البريك في وقت يشهد فيه العالم الإسلامي تحولات فكرية ودعوية تتطلب توازنًا وحكمة من العلماء، وهو ما كان يمثّله البريك بجدارة، لذا فإن فقده يُعد خسارة كبيرة للساحة الدعوية والعلمية في السعودية والعالم الإسلامي.

كلمة وداع

برحيل الشيخ الدكتور سعد البريك، تطوى صفحة من صفحات العلماء الذين جمعوا بين التأصيل الفقهي والعمل الدعوي الميداني، والذين وهبوا حياتهم لنشر العلم والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وستظل ذكراه حاضرة في نفوس محبيه، ونتاجه العلمي والدعوي باقٍ شاهدًا على مسيرة عالم كرّس حياته للعلم والدعوة وخدمة الدين والوطن.

رحم الله الشيخ سعد البريك، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.