فرضت لجنة الرقابة والأخلاق والانضباط التابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) غرامة مالية قدرها 15 ألف يورو على نادي ريال مدريد الإسباني، على خلفية سلوك عنصري صدر عن بعض مشجعيه خلال مواجهة الفريق أمام آرسنال الإنجليزي، في ذهاب الدور ربع النهائي من بطولة دوري أبطال أوروبا، والتي أقيمت على ملعب الإمارات في العاصمة البريطانية لندن.
وأوضحت لجنة الانضباط في بيان رسمي أن العقوبة جاءت بعد التحقيق في التقارير الأمنية ومقاطع الفيديو التي تم جمعها خلال اللقاء، والتي أكدت تورط مجموعة من جماهيري الفريق الإسباني في أفعال عنصرية وصفتها اللجنة بـ"الخطيرة وغير المقبولة"، مؤكدة أن التصدي للعنصرية يأتي في صميم أولويات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
وأفادت شبكة "ريليفو" الإسبانية أن قرار اللجنة لم يقتصر على الغرامة المالية، بل تضمن أيضًا عقوبة محتملة بالإيقاف الجزئي لجمهور الريال، تتمثل في حظر بيع تذاكر لمشجعي الفريق في المباراة الأوروبية الخارجية المقبلة، ومع ذلك، فإن هذا الحظر مشروط بـعدم تكرار مثل هذه التصرفات خلال عام واحد، وفي حال وقوع حادث مماثل في المدة المحددة، ستُفعَّل العقوبة تلقائيًا.
وكان ريال مدريد قد خسر مواجهة الذهاب أمام آرسنال بنتيجة ثقيلة قوامها ثلاثة أهداف دون رد على ملعب الإمارات، في مباراة شهدت تفوقًا واضحًا للفريق الإنجليزي، وعلى الرغم من محاولة العودة في لقاء الإياب على ملعب سانتياجو برنابيو، فإن فوز الريال بهدفين مقابل هدف لم يكن كافيًا لتدارك الهزيمة، ما أدى إلى خروجه من البطولة من الدور ربع النهائي، لتتواصل خيبات الفريق الملكي أوروبيًا في الموسم الجاري.
وتُعد العقوبة التي فرضها "يويفا" جزءًا من سياسة صارمة بدأ الاتحاد الأوروبي بتطبيقها بشكل أكثر صرامة مؤخرًا، حيث يسعى للحد من جميع أشكال التمييز، سواء كانت عنصرية، دينية أو ثقافية، في ملاعب كرة القدم، وتستند هذه السياسة إلى لوائح واضحة، تنص على مسؤولية الأندية عن تصرفات جماهيرها داخل الملاعب وخارجها، سواء في المباريات المحلية أو القارية.
وقد أثارت الواقعة ردود فعل واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالب نشطاء وحقوقيون بمحاسبة الأندية الكبرى التي لا تُظهر ما يكفي من الحزم في التعامل مع سلوك جماهيرها، مؤكدين أن الرياضة يجب أن تبقى مساحة آمنة لجميع الأفراد بغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الدينية.
في المقابل، لم يُصدر ريال مدريد حتى لحظة إعداد هذا التقرير بيانًا رسميًا بشأن الواقعة أو العقوبات، وهو ما يزيد من الضغوط على إدارة النادي التي تواجه بالفعل انتقادات جماهيرية بسبب النتائج المتراجعة للفريق هذا الموسم، خاصة على المستوى القاري.
يُذكر أن ريال مدريد يُعد من أكثر الأندية تتويجًا ببطولة دوري أبطال أوروبا، حيث يحمل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب، لكن سجله التنافسي لم يشفع له أمام لجنة الانضباط، التي أكدت في تقاريرها أن "المبادئ الأخلاقية والاحترام بين الجماهير أهم من الألقاب والنتائج".
ويأتي هذا القرار في سياق عام يشهد تصاعدًا في الوعي بمخاطر العنصرية في الملاعب الأوروبية، في ظل حالات متكررة شهدتها مباريات محلية ودولية، شملت إطلاق هتافات عنصرية، ورفع لافتات مهينة، وحتى الاعتداء اللفظي أو الجسدي على لاعبين من أصول غير أوروبية.
ويُنتظر أن يكون لهذه العقوبة تأثير مباشر على جمهور ريال مدريد في المباريات المقبلة، خاصة مع التهديد بتفعيل الحظر مستقبلاً، وهو ما سيدفع النادي، كما يتوقع مراقبون، إلى تشديد الإجراءات الأمنية والتوعوية داخليًا لضمان عدم تكرار الحادثة.
كما يفتح هذا الحدث الباب أمام المؤسسات الرياضية في إسبانيا وخارجها لإعادة النظر في إجراءات ضبط الجماهير داخل الملاعب، خصوصًا مع اتساع ظاهرة العنصرية التي أصبحت تهدد القيم الرياضية، وتسيء لصورة الأندية والدوريات الأوروبية أمام العالم.