في تصعيد مثير للأجواء داخل الوسط الرياضي السعودي، فتح الناقد الرياضي عبدالعزيز العصيمي النار على الجهاز الفني والإداري لنادي النصر، مشيرًا إلى أن "ثلاثيًا إداريًا وفنيًا" يقف خلف الإخفاقات المتكررة التي لاحقت الفريق خلال الموسم الكروي الجاري، مؤكدًا أن استمرارهم يُهدد مستقبل النادي، ويهدم ما تبقى من البنية الفنية والاقتصادية للفريق.
وجاءت تصريحات العصيمي بعد خروج النصر من جميع البطولات التي نافس عليها هذا الموسم، وعلى رأسها دوري روشن للمحترفين، حيث يحتل الفريق المركز الثالث برصيد 60 نقطة، بفارق 8 نقاط عن الاتحاد المتصدر، مع تبقي جولات قليلة على نهاية المسابقة، مما يصعب حظوظه في اللحاق بالصدارة.
ولم يقتصر تراجع النصر على المنافسة المحلية فحسب، بل امتد إلى المحافل القارية، حيث ودّع الفريق بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة من الدور نصف النهائي بعد خسارة مثيرة أمام كاواساكي الياباني بنتيجة 3-2، في لقاء شهد جدلًا تحكيميًا وتحليلات فنية أظهرت خللًا في الخطط الدفاعية والتغييرات التكتيكية.
كما تلقى "العالمي" ضربة قوية في بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، بعد خروجه المفاجئ من الدور الـ16 على يد التعاون، في مباراة انتهت بخسارة الفريق بهدف دون رد، وسط أداء باهت أثار غضب الجماهير، وزاد من الضغوط على الجهاز الفني بقيادة الإيطالي ستيفانو بيولي، وعبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، شن العصيمي هجومًا لاذعًا على إدارة الكرة في النصر، مشيرًا بأصابع الاتهام إلى بيولي، والمدير الرياضي هيرو، والمساعد أدريان، مؤكدًا أنهم لم يكتفوا بالفشل الفني، بل تسببوا في "إعادة النصر سنوات إلى الوراء" على حد تعبيره.
وقال العصيمي: "في النصر هناك من فشل، لكن السيد هيرو ومساعده أدريان لم يفشلا فقط، بل حمّلوا النادي فواتير مالية باهظة بسبب تعاقدات لم تخدم الفريق"، وأضاف: "الثلاثي الموجود حاليًا يكلفون النادي ملايين الريالات شهريًا، وكل يوم يمر وهم في مناصبهم يهدمون أكثر مما يبنون"، وأثارت تصريحات الناقد الرياضي تفاعلًا واسعًا بين جماهير النصر والمتابعين الرياضيين، ما بين مؤيد لما طرحه العصيمي، وبين من اعتبر أن التوقيت غير مناسب، خاصة مع استمرار الموسم ورغبة الفريق في إنهاء المنافسات بأداء يحفظ ماء الوجه.
وخلال الموسم الحالي، خضع النصر لعدة تغييرات إدارية وفنية، أبرزها التعاقد مع المدرب الإيطالي ستيفانو بيولي، في خطوة اعتبرها البعض "مجازفة" نظرًا لاختلاف بيئة العمل والمنافسة بين أوروبا والمنطقة العربية، كما قام الجهاز الإداري بجلب عدة لاعبين لم يظهروا بالمستوى المأمول، وهو ما فسره محللون فنيون بغياب الرؤية الاستراتيجية المتكاملة، وكانت إدارة النصر قد تعهدت ببناء فريق قادر على التتويج بجميع البطولات، مدعومة بميزانية ضخمة ورعاية جماهيرية واسعة، إلا أن النتائج جاءت دون الطموحات، ما أثار موجة من التساؤلات حول مستقبل الإدارة الحالية والقرارات التي اتخذت مؤخرًا.
وفي الوقت الذي التزم فيه النادي الصمت رسميًا تجاه تصريحات العصيمي، نقلت مصادر مقربة من إدارة النصر أن هناك حالة من الغضب الداخلي بسبب ما وُصف بـ"محاولات تشويه صورة النادي في توقيت حساس"، بينما يرى آخرون أن النقد يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار، خصوصًا مع اقتراب نهاية الموسم والتحضير للتغييرات الصيفية، وأشار بعض المطلعين على كواليس النادي، إلى أن الإدارة تدرس بالفعل إجراء تقييم شامل للتجربة الحالية، وقد يتم الإعلان عن قرارات حاسمة قريبًا، تتعلق بالجهاز الفني وبعض الإداريين، في ظل ضغط جماهيري غير مسبوق يطالب بإصلاحات جذرية.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، عبّرت جماهير النصر عن استيائها من الوضع الراهن، حيث طالبت فئة كبيرة من المشجعين بإقالة بيولي والجهاز المعاون له، مع إعادة النظر في سياسات التعاقدات، مؤكدين أن النادي بحاجة إلى هوية واضحة، ومدرب يستطيع فهم طبيعة الكرة السعودية وطموحات الجماهير، وقال أحد المغردين: "اللي يبني فريق ما يجيب مدرب من أوروبا فقط لأنه اسم، لازم يجي مدرب فاهم دورينا وطبيعة اللاعبين"، بينما كتب آخر: "حان وقت المحاسبة، موسم للنسيان، ونحتاج وقفة جادة من الإدارة قبل أن نخسر كل شيء".
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، بدأت بعض التقارير في الحديث عن أسماء مدربين مرشحين لخلافة بيولي، في حال قررت الإدارة الانفصال عنه نهاية الموسم، كما جرى الحديث عن تغييرات متوقعة في الطاقم الإداري، وقد تشمل التعديلات المحتملة تغيير المدير الرياضي، وضخ دماء جديدة في الإدارة الفنية، بالإضافة إلى خطة لتقليص الرواتب العالية والاستثمار في لاعبين شباب، ضمن رؤية تسعى لتحقيق التوازن بين الأداء الرياضي والاستقرار المالي.
ويبقى مستقبل النصر مرهونًا بالقرارات التي ستُتخذ خلال الأسابيع المقبلة، إذ أصبح واضحًا أن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يكون مقبولًا لدى الجماهير أو الخبراء، وبين النقد الحاد الذي يوجهه الإعلاميون مثل العصيمي، وصمت الإدارة، تظل أعين أنصار "العالمي" مترقبة لما ستحمله الأيام القادمة من قرارات، قد تحدد ملامح المرحلة المقبلة.