وسط تصاعد حاد في التوتر العسكري بين الهند وباكستان، دعت الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن الدولي الطرفين إلى ضبط النفس والانخراط في حوار دبلوماسي عاجل لتفادي الانزلاق نحو صراع مسلح، وجاء ذلك بعد تحذيرات أمنية من مخاطر وشيكة وتحركات عسكرية متبادلة في منطقة كشمير المتنازع عليها، عقب هجوم دموي استهدف سياحا هنودا في المنطقة، أسفر عن سقوط 26 قتيلا، ما فجر أزمة جديدة بين الجارتين النوويتين.
في بيان رسمي أصدرته وزارة الخارجية الباكستانية يوم الثلاثاء، أعلنت إسلام أباد أن مجلس الأمن الدولي اطلع خلال اجتماع عقد يوم الإثنين على تقارير استخباراتية باكستانية، تشير إلى احتمالية "تحرك عدائي وشيك" من جانب الهند، ووصفت الخارجية الباكستانية الوضع بأنه "بالغ الخطورة"، مشددة على ضرورة التحرك العاجل لمنع انزلاق المنطقة إلى دوامة صراع يصعب احتواؤه، كما أكدت الوزارة أن أعضاء المجلس دعوا كلا البلدين إلى تفضيل الحلول السلمية واللجوء إلى الحوار المباشر لنزع فتيل التوتر.
الهجوم الذي وقع بتاريخ 22 أبريل الجاري في كشمير، واستهدف مجموعة من الحجاج الهندوس، أعاد إشعال الخلافات المتجذرة بين نيودلهي وإسلام أباد، حيث سارعت الهند إلى توجيه الاتهام لباكستان بالضلوع في الحادث، مدعية أن اثنين من المهاجمين الثلاثة يحملان الجنسية الباكستانية، والحكومة الباكستانية سارعت إلى نفي هذه المزاعم، لكنها أبدت في الوقت ذاته استعدادها التام "للدفاع عن سيادتها ضد أي اعتداء محتمل"، وهي لهجة أثارت قلقا دوليا واسعا من تفجر الوضع إلى ما هو أبعد من حرب كلامية.
وفي خضم هذه التوترات، اختبرت باكستان بنجاح صاروخين من طراز أرض-أرض خلال ثلاثة أيام فقط، في خطوة فسرتها الهند على أنها استفزازية، بينما وصفتها إسلام أباد بأنها "إجراء دفاعي بحت ورسالة تحذيرية لأي جهة تفكر في الاعتداء"، وفي المقابل أعلنت الهند يوم الثلاثاء عن سلسلة من التدريبات على مستوى الدفاع المدني في عدة ولايات، شملت اختبار صفارات الإنذار وتمارين إخلاء لمواجهة غارات جوية محتملة، مما عزز المخاوف من استعدادات ميدانية لاحتمال التصعيد.
المنطقة الحدودية بين الدولتين شهدت خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية واضحة، حيث نشر الجانبان قوات إضافية وأنظمة دفاعية متطورة، في مشهد يذكر بأزمات سابقة كادت أن تنتهي بصدام مباشر، وبينما دعت قوى عالمية كبرى إلى التهدئة، فإن التحركات المتسارعة على الأرض تشير إلى أن الطرفين يستعدان لأسوأ السيناريوهات، حتى وإن تمسكا علنًا بخيار الحوار.
وبين التصريحات الحادة من الطرفين والوساطات الدولية المتزايدة، تتجدد المخاوف من تكرار سيناريوهات الماضي، حين كانت كشمير نقطة الاشتعال في أكثر من مواجهة مسلحة بين الجارتين. خصوصًا أن كلا من الهند وباكستان تمتلكان ترسانة نووية، ما يرفع من مستوى الخطورة في حال حدوث أي حسابات خاطئة أو تصعيد غير محسوب.
المجتمع الدولي يتابع بقلق تطورات الأوضاع، إذ يرى محللون أن أي اشتعال عسكري بين الهند وباكستان لن يقتصر تأثيره على جنوب آسيا فحسب، بل ستكون له تبعات جيوسياسية عالمية، نظرا لموقع البلدين الاستراتيجي وتحالفاتهما المتشابكة مع قوى دولية كبرى، والدعوة إلى ضبط النفس ليست مجرد تمني دبلوماسي، بل محاولة يائسة لمنع تحول التصعيد الحالي إلى مواجهة قد تكون مدمرة للطرفين.
وفي ظل الغموض الذي يلف الموقف الحالي، يترقب المراقبون ما إذا كانت جهود الوساطة الأممية والدعوات للحوار ستحقق خرقًا في جدار التوتر، أم أن الحسابات السياسية والأمنية الداخلية في البلدين ستدفع المنطقة إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، تكون فيها كلفة التصعيد أعلى من أي وقت مضى.