تأشيرات الدراسة
بريطانيا تخطط لتقييد منح تأشيرات العمل والدراسة لـ 3 دول
كتب بواسطة: محمد مكاوي |

في خطوة قد تعيد رسم ملامح سياسة الهجرة إلى المملكة المتحدة وتؤثر بشكل مباشر على آلاف الطامحين للدراسة أو العمل أو حتى الزيارة، كشفت صحيفة «تايمز» البريطانية أن وزارة الداخلية البريطانية تدرس فرض قيود أكثر صرامة على منح تأشيرات العمل والدراسة لرعايا دول معينة أبرزها باكستان ونيجيريا وسريلانكا وذلك ضمن خطط واسعة من المقرر الإعلان عنها رسميا في ما يعرف بـالكتاب الأبيض للهجرة الذي تنتظره الأوساط السياسية والمجتمعية باعتباره مرجعية لرؤية الحكومة الجديدة في التعامل مع ملف الهجرة المتفجر سياسيا وشعبيا منذ سنوات.

تأتي هذه التحركات في سياق سعي الحكومة البريطانية إلى خفض صافي أعداد المهاجرين بشكل ملحوظ وهو تعهد يتصدر أجندة الأحزاب الرئيسية وعلى رأسها حزب العمال الذي شدد في بيانه الانتخابي الأخير على ضرورة ضبط تدفق الهجرة إلى البلاد مؤكدا أن الفشل في إدارة هذا الملف لا يؤثر فقط على البنية المجتمعية والخدمية في بريطانيا بل يضعف من حوافز الشركات لتدريب وتوظيف العمال المحليين وبالتالي يؤثر سلبا على سوق العمل البريطاني ويزيد الاعتماد على العمالة الأجنبية.

ويبدو أن الخطة الجديدة لا تقتصر فقط على تقليص أعداد التأشيرات الممنوحة بل تتجه أيضا إلى تعزيز آليات المراقبة والرصد الاستخباراتي في خلفيات المتقدمين، حيث قال متحدث رسمي باسم وزارة الداخلية إن السلطات تعمل على جمع معلومات استخباراتية دقيقة عن المتقدمين بطلبات تأشيرات العمل والدراسة خصوصا من الجنسيات التي يعتقد أن بعض أفرادها قد يستخدمون هذه التأشيرات كبوابة غير مباشرة لطلب اللجوء في بريطانيا بمجرد وصولهم وأكد أن الوزارة تبقي نظام التأشيرات تحت المراجعة المستمرة وستتخذ إجراءات حاسمة ودون تردد في حال رصدت أنماط سلوك قد تؤدي إلى تقويض نظام الهجرة البريطاني.

وأضاف المتحدث أن «الكتاب الأبيض» القادم بشأن الهجرة سيعرض خطة إصلاح شاملة تهدف إلى استعادة السيطرة على نظام وصفه بأنه معطوب ويعاني من اختلالات في التوازن بين الاحتياج الاقتصادي الحقيقي والسياسات الأمنية والاجتماعية التي تحكم منح الإقامات والتأشيرات في الدولة وتبدو هذه اللغة مؤشرا واضحا على أن المرحلة القادمة ستشهد تغييرات جذرية تمس ليس فقط شروط القبول بل أيضا سبل متابعة الأجانب داخل المملكة وربما التعامل بشكل أكثر صرامة مع أي مخالفات أو استغلال للثغرات القانونية.

وبينما لم يصدر بعد نص رسمي عن فحوى التعديلات الجديدة فإن التسريبات الصحفية والتصريحات المتكررة من المسؤولين تثير قلقا متزايدا في أوساط الجاليات القادمة من الدول المستهدفة إذ يعتمد عدد كبير من الطلاب والمهنيين من باكستان ونيجيريا وسريلانكا على برامج التعليم والعمل في بريطانيا كمصادر رئيسية لبناء مستقبلهم وتحسين أوضاع أسرهم الاقتصادية والاجتماعية وتعد بريطانيا وجهة مفضلة للطلاب من هذه الدول لما توفره من جامعات مرموقة وفرص وظيفية مغرية بعد التخرج.

ومع ذلك فإن المخاوف البريطانية من إساءة استخدام هذه التسهيلات ليست جديدة حيث أشارت تقارير سابقة إلى أن عددا غير قليل من المتقدمين بتأشيرات دراسية تحولوا بعد فترة قصيرة إلى طالبي لجوء أو تجاوزوا مدة إقامتهم القانونية، وهي حالات تستخدمها الحكومة البريطانية كأمثلة لتبرير تشديد الإجراءات رغم أنها تبقى نسبيا محدودة مقارنة بأعداد الملتزمين بالقانون.

ويأتي هذا التوجه المتشدد أيضا في ظل ضغوط سياسية متصاعدة من قواعد شعبية تطالب بخفض أعداد المهاجرين، وتوجيه الموارد العامة إلى المواطنين البريطانيين خاصة في مجالات الصحة والإسكان والتعليم وهو ما دفع الحزب الحاكم والمعارضة على حد سواء إلى التنافس في تقديم خطط للحد من الهجرة وتعزيز الرقابة الحدودية ضمن إطار أكبر لإعادة الثقة بين الدولة والمجتمع بشأن سياسات الهجرة.

من المنتظر أن يثير «الكتاب الأبيض» القادم نقاشات ساخنة داخل البرلمان ووسائل الإعلام وفي أوساط الجاليات الأجنبية والمنظمات الحقوقية التي ترى أن التركيز على جنسيات بعينها قد يحمل طابعا تمييزيا ويخالف مبادئ العدالة والمساواة التي طالما ادعت بريطانيا أنها تحترمها، وقد يدفع هذا الجدل الحكومة إلى توضيح معاييرها بشكل أكبر خاصة فيما يتعلق بطريقة تصنيف الدول المشمولة بالتشديد وأسس جمع المعلومات الاستخباراتية.