مستشفى جازان العام
مركز الغدد الصماء بجازان يعالج متلازمة مزدوجة فريدة في تاريخ الطب
كتب بواسطة: بدور حمادي |

في إنجاز طبي غير مسبوق على المستوى العالمي، تمكن فريق طبي متخصص في مركز الغدد الصماء والسكري بمستشفى جازان العام، التابع لتجمع جازان الصحي، من علاج حالة نادرة عالميًا لمريض يبلغ من العمر خمسين عامًا، كان يعاني من اضطرابات مزمنة ومعقدة في مستويات الدهون بالجسم، ليُسجل بذلك المركز علامة فارقة في سجل الطب العالمي من خلال معالجة حالة لم تُرصد من قبل في الأدبيات الطبية أو السجلات الصحية الدولية.

وقد أشار الفريق الطبي المشرف على الحالة إلى أن المريض كان يعاني من ارتفاع مزمن في الدهون الضارة بالدم، وهو ما يُعرف بفرط شحميات الدم، نتيجة اختلالات مزدوجة تشمل كلًا من زيادة امتصاص الدهون على مستوى الأمعاء، إلى جانب خلل في مستقبلات الدهون بالكبد، ما أدى إلى تراكم الدهون في مجرى الدم بشكل غير قابل للسيطرة بالوسائل العلاجية التقليدية.

وبعد سلسلة من الفحوصات المخبرية والتحاليل الجينية الدقيقة، تمكّن الفريق الطبي من رصد طفرتين وراثيتين جديدتين لم يسبق توثيقهما علميًا، ما شكّل اختراقًا علميًا في مجال الأمراض الوراثية المرتبطة بالدهون، ووفقًا لما أفاد به الأطباء، فإن تزامن هاتين الطفرتين في مريض واحد يُعد أمرًا غير مسبوق، إذ لم يُسجل في أي من قواعد البيانات الطبية الدولية، ما يجعل من هذه الحالة الأولى عالميًا من نوعها.

وأسفر هذا التشخيص المتقدم والدقيق عن تصميم خطة علاجية مخصصة بعناية فائقة، تضمنت إجراءات دوائية وتغذوية، إضافة إلى برنامج متابعة حثيث، أدت مجتمعة إلى عودة مستويات الدهون الضارة إلى معدلاتها الطبيعية خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا، وقد أسهم هذا التوازن في تقليل المخاطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية التي غالبًا ما ترافق مثل هذه الحالات.

ويأتي هذا الإنجاز العلمي والسريري تتويجًا لجهود مركز الغدد الصماء والسكري في منطقة جازان، والذي أثبت كفاءته العالية في التعامل مع الحالات المرضية النادرة والمعقدة، ويعكس ذلك مستوى التقدم الذي تشهده المرافق الصحية في المنطقة، لا سيما في التخصصات الدقيقة التي تتطلب تكاملًا بين المعرفة النظرية والتطبيق السريري عالي المستوى.

وفي تعليق له على هذا الإنجاز، ثمّن مدير تجمع جازان الصحي الجهود النوعية التي بذلها الفريق الطبي، مؤكدًا أن ما تحقق يُجسد الرؤية الطموحة للقطاع الصحي في المملكة، والتي ترتكز على تقديم رعاية صحية متقدمة وشاملة، ترتقي إلى المعايير العالمية وتستند إلى أسس علمية دقيقة.

كما دعا إلى مواصلة دعم الكفاءات الوطنية وتوفير البيئة المناسبة للبحث والابتكار، مشيرًا إلى أن هذه الحالة ستكون موضع اهتمام عالمي، لاسيما في مجال الطب الجيني والغدد الصماء، حيث سيتم العمل على نشر تفاصيل الحالة في المجلات العلمية المحكمة، لتعزيز المعرفة الطبية العالمية حول هذا النوع من الاضطرابات النادرة.

ويمثل هذا النجاح إضافة نوعية إلى سجل مركز الغدد الصماء والسكري بجازان، ويعكس في الوقت ذاته تطور الخدمات الصحية التخصصية في المملكة، ويؤكد أن الكوادر الطبية الوطنية تمتلك الكفاءة والإمكانات اللازمة للتعامل مع أكثر الحالات الطبية تعقيدًا على المستوى العالمي.

وبينما تستمر جهود وزارة الصحة وتجمع جازان الصحي في تعزيز البنية التحتية وتطوير البرامج العلاجية المتقدمة، فإن مثل هذه النجاحات تسهم في تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي رائد في تقديم الخدمات الصحية التخصصية، وتشجع على مواصلة الاستثمار في البحث الطبي والتعليم المستمر، لتمكين الأجيال القادمة من الأطباء من مواجهة التحديات الصحية المعقدة بثقة واقتدار.