بعد أكثر من ثلاثة عقود على وقوع الحادثة، تواجه شركة الخطوط الجوية البريطانية دعوى قضائية أمام المحكمة العليا في لندن، رفعها أكثر من 100 شخص من الركاب وأفراد الطاقم الذين كانوا على متن رحلة هبطت في الكويت عام 1990، بالتزامن مع الاجتياح العراقي للبلاد، ما أدى إلى احتجازهم كرهائن في واحدة من أبرز أزمات الطيران في القرن العشرين.
ووفقًا للدعوى، يتهم المدعون الشركة بأنها سمحت للطائرة بالهبوط في الكويت رغم توفر تحذيرات مسبقة بشأن غزو وشيك من قبل القوات العراقية، ما عرض حياتهم للخطر وأسفر عن احتجازهم لاحقًا في ظروف وصفت بأنها "غير إنسانية"، وتحدثت الدعوى عن تعرض بعض الركاب للتعذيب خلال فترة احتجازهم.
من جانبهم، أشار المدعون إلى أن الخطوط البريطانية تصرفت "بتنسيق" مع حكومة المملكة المتحدة، وزُعم أنها سمحت سرًا بنقل عناصر استخباراتية بريطانية ضمن مهمة سرية، مما جعل الطائرة هدفًا محتملاً لدى الجانب العراقي، وقد نفت الشركة هذه المزاعم بشكل قاطع.
وتضيف الدعوى أن أعضاء في وحدة خاصة تُدعى "الزيادة"، يُعتقد أنهم من القوات الخاصة البريطانية، كانوا على متن الطائرة، لكن أسماءهم لم تُدرج ضمن قائمة الركاب الرسمية، فيما أفادت تقارير بأن قائد الطائرة كان على علم بوجودهم،
في المقابل، دفعت شركة الخطوط البريطانية بأن هذه المطالبات جاءت "متأخرة للغاية"، مؤكدة أن طاقم الطائرة قبل تسويات مالية منذ سنوات، تراوحت بين 3 آلاف و15 ألف جنيه إسترليني، كتعويض كامل ونهائي عن تجربتهم خلال احتجازهم في كل من الكويت والعراق.
وأكدت الشركة أنها لم تكن على علم بتجاوز القوات العراقية الحدود الكويتية لحظة هبوط الطائرة، وأنها اتخذت جميع الإجراءات الممكنة لضمان سلامة الركاب، كما نفت وجود أي اتفاق رسمي مع الحكومة البريطانية بشأن عملية "الزيادة" أو علمها بوجود جواسيس على متن الرحلة.
وأضافت الخطوط البريطانية أن هذه القضية ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن رُفعت دعاوى مماثلة في إنجلترا وفرنسا وولاية تكساس الأميركية، لكنها لم تُكلل بالنجاح، ووفقًا لملف الدفاع، فإن مدة التقادم القانونية التي تتيح رفع دعاوى بشأن الحادثة قد انتهت منذ وقت طويل.
وبحسب سجلات المحكمة، فقد قُدمت ملفات دفاع تتعلق بالقضية من قبل مكتب مجلس الوزراء، ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، ووزارة الدفاع البريطانية، يوم الجمعة الماضي، إلا أن محتوى هذه الملفات لم يُنشر حتى الآن ولم يُتح للاطلاع العام، في حين رفضت حكومة المملكة المتحدة التعليق على القضية نظراً لحساسيتها السياسية والتاريخية.
تعود الواقعة إلى 2 أغسطس 1990، حينما غزت القوات العراقية الكويت، ما أدى إلى اندلاع أزمة الخليج الأولى، وكانت الطائرة التابعة للخطوط البريطانية في طريقها من لندن إلى كوالالمبور، لكنها توقفت في الكويت، حيث تم احتجاز جميع من كانوا على متنها كرهائن ونقلهم لاحقًا إلى العراق.