في إطار جهودها المتواصلة لحماية الاقتصاد الوطني، وتعزيز بيئة استثمارية عادلة ونزيهة، شهّرت وزارة التجارة بمواطنة سعودية ومقيمين اثنين من الجنسية البنجلاديشية، بعد صدور حكم قضائي نهائي يدينهم بارتكاب جريمة التستر التجاري في قطاع النقل والخدمات اللوجستية بمدينة مكة المكرمة.
وجاء الحكم الصادر عن المحكمة الجزائية بمكة المكرمة، بعد أن ثبت بالأدلة الدامغة تمكين المواطنة للمقيمَين من مزاولة أنشطة تجارية لحسابهما الخاص دون الحصول على التراخيص النظامية اللازمة، بما يخالف أحكام نظام مكافحة التستر، ونظام الاستثمار الأجنبي المعمول به في المملكة.
وكشفت التحقيقات أن المتستر عليهما مارسا أنشطة النقل والخدمات اللوجستية في العاصمة المقدسة، من خلال إدارة وتشغيل مؤسسة تجارية مملوكة اسمًا للمواطنة، حيث قاما بإبرام العقود وتوقيع الاتفاقيات، وتحقيق إيرادات مالية ضخمة تم تحويل جزء منها إلى خارج المملكة، في إطار ترتيبات مالية مشبوهة تهدف إلى التهرب من الأنظمة، والإضرار بالاقتصاد المحلي.
واتضح كذلك أن المواطنة قامت بالحصول على قروض تمويلية بغرض شراء عدد من الناقلات واستخدامها في ممارسة النشاط التجاري الذي يدار فعليًا من قبل المقيمَين، ما يُعد تواطؤًا صريحًا في جريمة التستر، واستغلالًا غير مشروع للثغرات النظامية.
ووفقًا للحكم القضائي الصادر، فقد تم فرض غرامة مالية قدرها 150 ألف ريال، وشطب السجل التجاري المرتبط بالنشاط المخالف، وإلغاء التراخيص الرسمية الممنوحة، إلى جانب تصفية نشاط المؤسسة بالكامل، واستيفاء كافة المستحقات الحكومية من الزكاة والضرائب والرسوم الأخرى ذات العلاقة.
كما تضمن الحكم منع المواطنة من مزاولة النشاط التجاري محل المخالفة مستقبلاً، وإبعاد المتستر عليهما عن أراضي المملكة بعد إنهاء العقوبة المقررة بحقهما، مع التشديد على عدم السماح لهما بالعودة إلى المملكة للعمل بأي صفة كانت.
وأكدت وزارة التجارة أن نشر الحكم القضائي وتشهير المخالفين يندرج ضمن تطبيق أحكام المادة التاسعة من نظام مكافحة التستر، والتي تنص على التشهير بالمخالفين بعد اكتساب الأحكام الصفة النهائية، بهدف ردع المخالفين، وتحذير الأفراد والمنشآت من التورط في مثل هذه الأفعال التي تضر بنزاهة الاقتصاد الوطني وتؤثر سلبًا على البيئة التنافسية.
وأشارت الوزارة إلى أن نظام مكافحة التستر بصيغته الجديدة يمكّن الجهات المعنية من تنفيذ إجراءات صارمة، تشمل تجميد الأصول، وحجز الأموال المتحصلة من النشاط غير المشروع، بالإضافة إلى التحقق من مصادرها، وتطبيق عقوبات تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات، وغرامات مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال، فضلًا عن مصادرة الأموال والممتلكات المستخدمة في النشاط المخالف.
كما حذّرت الوزارة جميع المواطنين والمقيمين من الانخراط في أي علاقات تجارية غير قانونية، سواء من خلال تمكين غير السعوديين من العمل لحسابهم الخاص، أو من خلال التستر عليهم بتسجيل أنشطة تجارية بأسماء مواطنين دون أن يكون لهم أي دور فعلي في إدارتها.
وأكدت الوزارة أن مكافحة التستر التجاري تمثل أولوية في السياسات الاقتصادية للمملكة، لما لها من تأثير مباشر على تحقيق العدالة التنافسية، وتطوير السوق المحلي، وضمان حماية المستهلكين من أنشطة غير نظامية تُخل بالضوابط المعتمدة.
ودعت الوزارة إلى الإبلاغ عن أي حالات اشتباه في التستر التجاري عبر القنوات الرسمية، مشيرة إلى أن برنامج "رصد" وخدمة "بلاغ تجاري" عبر تطبيق الوزارة ومنصتها الإلكترونية يتيحان استقبال البلاغات بسرية تامة، ويمنحان المبلّغين حوافز مالية تصل إلى 30% من إجمالي الغرامات المحصّلة بعد صدور الأحكام.
كما شددت على أهمية التوعية المجتمعية بمخاطر التستر التجاري، وضرورة امتثال الأفراد والمنشآت للنظام، والتعامل فقط مع كيانات تجارية مرخّصة ومعلنة، بما يضمن تعزيز الشفافية، وتحقيق الأمان الاقتصادي، ودفع عجلة التنمية المستدامة التي تتطلع إليها المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030.