انطلقت اليوم الخميس في العاصمة الكوسوفية بريشتينا التصفيات النهائية لأكبر مسابقة دولية لحفظة القرآن الكريم في منطقة البلقان، بتنظيم وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في دورتها الثالثة، بالتعاون مع المشيخة الإسلامية في جمهورية كوسوفا، وبالتنسيق مع سفارة المملكة العربية السعودية في جمهورية ألبانيا.
تأتي هذه الفعالية ضمن جهود المملكة المتواصلة لنشر رسالة القرآن الكريم، وتعزيز ارتباط المسلمين في مختلف أنحاء العالم بكتاب الله تعالى، ومنذ انطلاق نسختها الأولى سجلت المسابقة حضورًا لافتًا وتناميًا كبيرًا في عدد المشاركين، حيث بلغ إجمالي المتقدمين في النسخة الحالية أكثر من 2350 متسابقًا ومتسابقة، يمثلون 22 دولة من منطقة البلقان وأوروبا.
شملت قائمة الدول المشاركة كوسوفا، ألبانيا، البوسنة والهرسك، الجبل الأسود، مقدونيا الشمالية، تركيا، اليونان، بلغاريا، إيطاليا، سلوفينيا، كرواتيا، التشيك، رومانيا، صربيا، قبرص، بلجيكا، إستونيا، أوكرانيا، جورجيا، روسيا، بيلاروسيا، وسان مارينو، مما يؤكد اتساع نطاق تأثير المسابقة وتقديرها في الأوساط الإسلامية الأوروبية.
عقب سلسلة من التصفيات التمهيدية التي أُجريت في هذه الدول خلال الأشهر الماضية، تأهل 142 متسابقًا ومتسابقة إلى المرحلة النهائية، التي تستمر حتى يوم الأحد 11 مايو الجاري، ويتنافس المشاركون في خمسة فروع متنوعة: حفظ القرآن الكريم كاملًا، حفظ عشرة أجزاء، حفظ خمسة أجزاء، حفظ جزأين، وتلاوة خمسة أجزاء نظرًا، وذلك ضمن فئات عمرية تتراوح بين سنتين إلى عشر سنوات، مع اعتماد معايير دقيقة لتقييم الأداء، تشمل جودة الحفظ والتلاوة وأحكام التجويد.
تُعد هذه المسابقة واحدة من أكبر الفعاليات القرآنية من حيث التنظيم والقيمة، حيث خُصص للفائزين جوائز مالية تبلغ نصف مليون ريال سعودي، في حين تتجاوز الميزانية التشغيلية للمسابقة 1.2 مليون ريال، وهو ما يجسّد حجم الدعم والرعاية التي تقدمها المملكة لخدمة كتاب الله الكريم، وترسيخ مكانتها كمركز عالمي للعمل الإسلامي المتوازن.
يشرف على تحكيم المسابقة لجنة دولية متخصصة تضم نخبة من العلماء والقراء المشهود لهم بالكفاءة والخبرة، يمثلون المملكة العربية السعودية (بعضوين)، إلى جانب دول ألبانيا، مقدونيا، كرواتيا، والبوسنة والهرسك، بما يضفي على المسابقة بُعدًا دوليًا ومصداقية عالية في معايير التقييم.
تحظى المسابقة بمتابعة مباشرة واهتمام كبير من معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، تجسيدًا لتوجيهات القيادة الرشيدة -أيدها الله- في دعم البرامج الإسلامية حول العالم، وتعزيز مفاهيم الوسطية والاعتدال، ونشر القيم الإسلامية النبيلة.
كما تمثل المسابقة إحدى المبادرات الدعوية النوعية التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع المراكز والجمعيات الإسلامية في الخارج، بهدف ترسيخ القيم القرآنية، وتحفيز الأجيال المسلمة على حفظ القرآن وتعلّم علومه، والتمسك بالكتاب والسنة بمنهجية تقوم على التوازن والانفتاح والتسامح.
يُنظر إلى هذه المسابقة على أنها أكثر من مجرد تنافس قرآني، إذ تمثل منصة فاعلة لتعزيز الهوية الإسلامية والثقافة القرآنية بين المسلمين في دول البلقان، الذين يشكلون أقليات في مجتمعاتهم، كما تفتح المجال أمام التواصل الثقافي والديني بين الشعوب، وتعكس صورة المملكة العربية السعودية كداعم رئيسي للمشاريع التي تُعنى بنشر الاعتدال وتكريم أهل القرآن، في إطار رسالتها العالمية التي تجمع بين الريادة الدينية والتأثير الحضاري.