في خطوة جديدة تُنذر بمزيد من التصعيد في شبه الجزيرة الكورية، أعلنت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية، صباح الخميس أن كوريا الشمالية أطلقت عدداً من الصواريخ الباليستية باتجاه بحر الشرق، وذلك في أحدث تجارب الأسلحة التي تجريها بيونغ يانغ هذا العام، في إطار سياسة واضحة تستعرض من خلالها قدراتها العسكرية وتؤجج حالة التوتر في المنطقة.
أوضحت الهيئة أن عمليات الإطلاق جرت من منطقة قريبة من مدينة وونسان الساحلية الشرقية، وأن الصواريخ التي تم إطلاقها يُرجح أنها قصيرة المدى، ولم تُعلن الهيئة الكورية الجنوبية على الفور عن تفاصيل المسافة التي قطعتها الصواريخ، في وقت تواصل فيه وحدات الرصد والتحليل جمع البيانات لتحديد خصائص هذه المقذوفات بدقة أكبر.
وفقاً لما صرحت به هيئة الأركان فإن الجيش الكوري الجنوبي عزز من استعداداته العسكرية والاستخباراتية فور عملية الإطلاق، حيث بدأ في مراقبة الوضع عن كثب بالتعاون مع الولايات المتحدة واليابان، وجرى تبادل المعلومات بسرعة بين الدول الثلاث في خطوة تعكس التنسيق الإقليمي والدولي المستمر لمواجهة أي تهديد محتمل من قبل كوريا الشمالية.
تعد هذه هي المرة الأولى التي تُقدم فيها كوريا الشمالية على اختبار صاروخي منذ العاشر من مارس الماضي، عندما أطلقت صواريخ باليستية بالتزامن مع انطلاق التدريبات العسكرية السنوية المشتركة بين القوات الأميركية والكورية الجنوبية، وبهذا الإطلاق الجديد يرتفع عدد التجارب الصاروخية التي أجرتها بيونغ يانغ منذ بداية العام إلى ست تجارب، وهو ما يسلط الضوء على وتيرة متسارعة في تطوير ترسانتها العسكرية.
يأتي هذا التطور العسكري الجديد بعد يوم واحد فقط من إعلان وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية أن الزعيم كيم جونغ أون دعا عمال المصانع العسكرية إلى زيادة إنتاج قذائف المدفعية، في إشارة إلى استعدادات عسكرية متزايدة، في ظل تنامي علاقات بيونغ يانغ مع موسكو، ودعمها المتزايد لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، سواء من خلال الأسلحة أو الدعم الفني.
تشير هذه الأنشطة المتصاعدة إلى نية واضحة لدى النظام الكوري الشمالي لتكثيف الضغط على كل من سيول وواشنطن، خاصة مع استمرار المناورات العسكرية بين البلدين، والتي تعتبرها بيونغ يانغ تهديداً مباشراً لأمنها القومي، كما تعكس رغبة كيم في إبراز قدرته على مواجهة ما يعتبره "تحالفاً عدائياً"، وتعزيز موقعه داخلياً وخارجياً، لا سيما في ظل تعقيدات المشهد الجيوسياسي الراهن.
في ظل غياب أي مؤشرات على استئناف المحادثات الدبلوماسية المجمدة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، تزداد المخاوف من انزلاق الوضع الأمني في المنطقة نحو مزيد من التصعيد، ويخشى مراقبون أن تشكل هذه التجارب مقدمة لسلسلة من الاستفزازات العسكرية التي قد تشمل صواريخ بعيدة المدى أو حتى تجارب نووية جديدة، وهو ما سيضع الأمن الإقليمي والدولي على المحك.