غضب جماهيري عارم يهز أركان نادي النصر.
غضب جماهيري عارم يهز أركان نادي النصر: شكوى رسمية إلى الديوان الملكي تطالب بهذا الأمر
كتب بواسطة: محمد مكاوي |

في مشهد غير مسبوق في الكرة السعودية، انفجرت جماهير نادي النصر غضبًا بعد الخسارة القاسية التي تلقاها الفريق الأول لكرة القدم أمام الاتحاد بنتيجة 3-2، في اللقاء الذي جمع الفريقين على ملعب "الجوهرة المشعة" بجدة، ضمن الجولة الـ30 والأخيرة من دوري روشن السعودي للمحترفين، الهزيمة، التي جاءت بعد تقدم مريح للنصر في الشوط الأول، فجّرت سيلًا من الانتقادات، وطال الغضب الجماهيري هذه المرة الإدارة التنفيذية للنادي، حتى وصلت الأمور إلى تقديم شكوى رسمية إلى الديوان الملكي ضد مسؤولي الفريق.

وبدأ اللقاء بأداء قوي من لاعبي النصر الذين دخلوا المباراة بطموح إنهاء الموسم بانتصار معنوي أمام خصمهم اللدود الاتحاد، ولم يخيب الفريق الظن في الشوط الأول، إذ تمكّن من تسجيل هدفين نظيفين وسط أداء هجومي منظم وحماس واضح على أرض الملعب.

ولكن الصورة انقلبت تمامًا مع بداية الشوط الثاني، حيث نجح الفرنسي كريم بنزيما، مهاجم الاتحاد، في تسجيل هدف تقليص الفارق، قبل أن يضيف مواطنه نغولو كانتي هدف التعادل بعد دقائق فقط، وسط انهيار مفاجئ في دفاعات النصر، ومع استمرار الضغط الاتحادي، تمكن المحترف الجزائري حسام عوار من تسجيل هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع، مانحًا الاتحاد فوزًا مثيرًا وقاسيًا على جماهير النصر.

وفي أعقاب هذه النتيجة، تصاعدت حدة الانتقادات الجماهيرية، ولم تكتفِ جماهير "العالمي" بالتعبير عن استيائها عبر منصات التواصل الاجتماعي، بل وصلت إلى تقديم شكوى رسمية إلى الديوان الملكي السعودي، ضد ماجد الجمعان، الرئيس التنفيذي لنادي النصر، ورائد إسماعيل، المدير التنفيذي.

وجاء في نص الشكوى التي تداولها نشطاء عبر منصات التواصل أن مسؤولي النصر تسببوا بشكل مباشر في تدهور أوضاع الفريق خلال الموسم الجاري، من خلال ما وصفوه بـ"القرارات الإدارية العشوائية، وسوء إدارة ملفات التعاقدات، وفشل التخطيط الفني"، كما طالبت الشكوى بضرورة التدخل العاجل من قبل الجهات المختصة لإقالة الإدارة الحالية وتعيين إدارة جديدة ذات كفاءة وخبرة، تعمل بروح الانتماء والمسؤولية، وتكون قادرة على إعادة النادي إلى مساره الصحيح، وتحقيق طموحات جماهيره.

ولم تقتصر موجة الغضب الجماهيري على الجهاز الإداري، بل طالت عددًا من نجوم الفريق، وعلى رأسهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي طالب قطاع واسع من المشجعين بعدم تجديد عقده ورحيله مع نهاية الموسم، ورغم الأرقام الإيجابية التي حققها رونالدو منذ انضمامه إلى النصر في صفقة تاريخية مطلع عام 2023، فإن الجماهير ترى أن وجوده لم ينعكس بشكل مباشر على نتائج الفريق، لا سيما في المباريات الحاسمة، وانتشرت عبر "تويتر" وسوم غاضبة تُطالب برحيل اللاعب، واتهامه بعدم التفاعل الكافي مع الفريق في اللحظات الحاسمة.

ومنذ بداية موسم 2024-2025، واجه النصر تحديات عدة، سواء على مستوى التنافس المحلي أو القاري، ورغم التعاقدات الكبيرة التي أبرمها الفريق، والتي شملت أسماء لامعة مثل ساديو ماني، مارسيلو بروزوفيتش، وأيمن يحيى، إضافة إلى وجود رونالدو، فإن النتائج لم تكن على قدر التطلعات، وخرج النصر من دوري أبطال آسيا في الأدوار الإقصائية، كما فشل في تحقيق بطولة الدوري، رغم تصدره لبعض جولات الموسم، وقد تكررت الانتقادات بشأن التخبط الإداري، وتضارب القرارات الفنية، وغياب الاستقرار في التشكيلة.

وتفتح الشكوى الرسمية التي وصلت إلى الديوان الملكي باب التساؤلات حول إمكانية تدخل الجهات العليا لمعالجة الأزمة داخل أروقة النادي، خاصة أن نادي النصر يُعد من الأندية الكبرى ذات الجماهيرية العريضة، وله دور بارز في تطوير الحراك الرياضي في المملكة، ضمن رؤية 2030، ويرى محللون أن تقديم الشكوى يمثل تصعيدًا خطيرًا من الجماهير، ويعكس حجم الإحباط الذي تعيشه قاعدة النادي، مطالبين إدارة النصر بضرورة التحرك الفوري، وفتح قنوات تواصل حقيقية مع الجماهير، لتوضيح الرؤية ومصارحة الشارع النصراوي بالأسباب الحقيقية وراء الإخفاقات المتكررة.

وفي ظل التصعيد الجماهيري، والضغط المتواصل على الإدارة، يجد نادي النصر نفسه اليوم على مفترق طرق حاسم، فإما التجاوب مع المطالب الشعبية واتخاذ قرارات تصحيحية، أو الاستمرار في النهج ذاته مع احتمالية تفاقم الأزمة، ومع دخول فترة الانتقالات الصيفية، تترقب الجماهير ما ستسفر عنه الأيام القادمة من قرارات، سواء فيما يتعلق بالجهاز الفني، أو مستقبل اللاعبين، أو هيكل الإدارة، في انتظار ما إذا كانت إدارة النادي ستتمكن من امتصاص الغضب، وتصحيح المسار، أم أن التغيير قادم من أعلى المستويات.

ويبقى نادي النصر بكل تاريخه وبطولاته، مؤسسة رياضية تحمل آمال الملايين، ومسؤوليته اليوم مضاعفة، ليس فقط داخل المستطيل الأخضر، بل خارجه أيضًا، حيث بات لزامًا أن يعود إلى كونه نموذجًا للنجاح والاستقرار والاحتراف.