في تأكيد واضح على موقفها الثابت تجاه احترام سيادة الدول ورفض التدخلات الخارجية، شددت وزارة الخارجية الصينية على دعمها الكامل لحق جمهورية مصر العربية في السيادة والإدارة الكاملة لقناة السويس، إحدى أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، خلال مؤتمر صحفي عقد في العاصمة بكين، إن "سيادة مصر على قناة السويس واحتفاظها بحق إدارتها أمران لا جدال فيهما"، مضيفًا أن بلاده تعارض بشدة أي محاولات خارجية للتنمر أو فرض الإملاءات على الدول ذات السيادة.
وأكد المتحدث أن الصين تقف بقوة إلى جانب مصر، حكومةً وشعبًا، في مساعيها لحماية سيادتها وحقوقها ومصالحها المشروعة، مشيرًا إلى أن بكين ترى في قناة السويس رمزًا للسيادة المصرية ومصدرًا حيويًا للاقتصاد الوطني ولمكانة مصر الاستراتيجية في النظام التجاري العالمي.
وتأتي هذه التصريحات الصينية ردًا على استفسار إعلامي حول منشور حديث للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عبر فيه عن مطالبة الولايات المتحدة بمرور سفنها التجارية والعسكرية بشكل مجاني عبر كل من قناة بنما وقناة السويس، وهو ما أثار جدلاً واسعًا واعتبره كثيرون تعديًا على السيادة الوطنية للدول المعنية.
ويُنظر إلى رد الخارجية الصينية بوصفه رسالة دبلوماسية قوية ضد محاولات الضغط التي قد تمارسها قوى دولية على دول أخرى بهدف فرض شروط أحادية الجانب تتنافى مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما يعكس هذا الموقف تمسك بكين برؤية عالمية متعددة الأقطاب، تُحترم فيها سيادة الدول وتُصان حقوقها المشروعة بعيدًا عن السياسات الاستعلائية.
وأوضح لين جيان أن "الصين تؤمن بضرورة احترام كافة الدول لسيادة واستقلال الدول الأخرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواردها الحيوية ومرافقها الاستراتيجية، مثل الممرات المائية"، مشيرًا إلى أن قناة السويس، التي تديرها هيئة قناة السويس المصرية، تُعد شريانًا اقتصاديًا دوليًا لا يحق لأي طرف خارجي فرض شروط تتعلق بإدارتها أو استخدامها.
وأضاف المتحدث أن "المنشورات أو التصريحات غير المسؤولة التي تصدر عن بعض الشخصيات السياسية، لا تُسهم في تحقيق الاستقرار الدولي، بل تعزز مناخ التوتر وتثير القلق في أوساط الدول النامية"، مؤكدًا أن الصين تدعو إلى احترام متبادل وتعاون عادل بين الدول، خاصة في ظل التحديات العالمية الراهنة التي تتطلب تنسيقًا بناءً بين جميع الأطراف الفاعلة على الساحة الدولية.
وتُعد قناة السويس أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، حيث تمر عبرها نحو 12% من التجارة العالمية، كما تشكل موردًا اقتصاديًا استراتيجيًا لمصر، وأسهمت في دعم الاقتصاد المصري بمليارات الدولارات من عائدات العبور، فضلاً عن دورها السياسي والجيوستراتيجي في ربط قارتي آسيا وأوروبا عبر البحر الأحمر والبحر المتوسط.
وقد لقيت تصريحات ترامب، التي وصف فيها مرور السفن الأمريكية عبر القنوات الدولية بأنه ينبغي أن يكون "مجانيًا"، انتقادات من خبراء القانون الدولي والعديد من المراقبين السياسيين، كونها تتجاهل مبدأ السيادة الوطنية، وتتنافى مع قواعد الملاحة العالمية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التي نظّمت استخدام قناة السويس وأكدت حياديتها دون المساس بالسيادة المصرية عليها.
من جهة أخرى، رحب عدد من المحللين المصريين والعرب بموقف الصين، واعتبروه دعمًا واضحًا للحقوق المصرية المشروعة، ورسالة سياسية تُعزز التوازن في العلاقات الدولية وتُقلل من هيمنة الأحادية القطبية.
وتؤكد الصين في مختلف المحافل الدولية على أهمية بناء نظام عالمي أكثر عدلاً وتوازنًا، يقوم على احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ويدعم الحق في التنمية المستقلة، وهي المبادئ ذاتها التي تُطالب بها دول الجنوب العالمي، وفي مقدمتها مصر.