تواصل المملكة العربية السعودية ترسيخ مكانتها كوجهة سياحية عالمية، مدفوعة برؤية 2030 واستراتيجيات استثمارية ضخمة في البنية التحتية السياحية. وأكد تقرير حديث صادر عن شركة "جيه إل إل" للاستشارات العقارية أن قطاع الضيافة السعودي بات يشهد نموًا يفوق التوقعات، حيث تجاوزت مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي 11.5% في عام 2023، متخطية هدف رؤية 2030 الذي كان محددًا بـ10%. هذا النمو يعكس مدى فاعلية الخطط التنموية التي أطلقتها المملكة منذ بدء تنفيذ استراتيجيتها الوطنية للسياحة في عام 2016.
وأشار التقرير المعنون بـ"إطلاق العنان لإمكانات الاستثمار في قطاع الفنادق في المملكة العربية السعودية" إلى أن المشاريع السياحية الجارية في مختلف مناطق المملكة، مدعومة بالاستثمارات الكبرى في البنية التحتية، تفتح آفاقًا واسعة للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء. وبحسب التقرير، يجري العمل حاليًا على تطوير أكثر من 106 آلاف غرفة فندقية جديدة، تُضاف إلى نحو 160 ألف غرفة قائمة، مما سيجعل المملكة تستحوذ على 58% من إجمالي المعروض الفندقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2028.
ويمتاز السوق السعودي بكونه الأسرع نموًا من حيث إيرادات الغرف المتاحة، التي ارتفعت بنسبة 9% سنويًا منذ عام 2019، متجاوزة بذلك المعدلات العالمية، في وقت لا تزال فيه بعض الوجهات الدولية تعاني تبعات جائحة كورونا. وأظهر التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سجلت أعلى نمو عالمي في إيرادات الغرف المتاحة بنسبة 28%، فيما تجاوز معدل النمو المتوقع للقطاع السياحي الإقليمي 4% خلال الفترة 2024-2028، مقارنة بـ2% في الأميركتين و1% في أوروبا وآسيا.
وأكد سعود السليماني، المدير الإقليمي لشركة "جيه إل إل" في السعودية، أن المملكة تتقدم بثبات لتصبح مركزًا عالميًا في قطاع الضيافة، مدعومةً بزيادة ملحوظة في عدد الزوار وتوسع غير مسبوق في سعة الاستيعاب الفندقي. وأشار إلى أن المدن الكبرى مثل الرياض والمدينة المنورة لم تعد فقط وجهات دينية أو إدارية، بل أصبحت تنافس أهم المدن السياحية في العالم من حيث جودة المعروض والخدمات الفندقية.
من جانب آخر، لفت التقرير إلى الفرص الاستثمارية الواعدة في مدن سعودية ناشئة مثل الطائف والأحساء، التي تستقطب حوالي 20 مليون زائر سنويًا، لكنها تعاني من نقص واضح في الغرف الفندقية، حيث تمثل نسبة الإشغال فيها فقط بين 25% و30% من الحاجة الفعلية. وتُعد هذه الفجوة فرصة استثنائية للمستثمرين الأوائل، خاصة مع ما تتمتع به هذه المدن من إرث ثقافي وطبيعة جذابة لم تُستغل بعد بالشكل الأمثل، مما يجعلها مرشحة لتكون نجوم المستقبل في السياحة السعودية.