في خطوة مفاجئة قد تُعيد تشكيل ملامح سوق السيارات العالمي، أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة، مما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والصناعية، القرارالذي يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات الحمائية التي تتبناها إدارة الرئيس دونالد ترامب والذي يهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الإنتاج المحلي إلا أن هذه الخطوة قد تُلقي بظلالها على أسعار السيارات وتكاليف الصيانة ليس فقط داخل الولايات المتحدة بل في الأسواق العالمية أيضاً.
الرسوم الجديدة التي تبلغ نسبتها 25%، تستهدف مجموعة واسعة من قطع الغيار المستوردة بما في ذلك المحركات وناقلات الحركة والمكونات الكهربائية، وقد دخلت هذه الرسوم حيز التنفيذ في 3 مايو 2025، بعد أن كانت قد أُعلنت في وقت سابق من العام ووفقاً لتقارير إعلامية فإن هذه الخطوة تأتي استجابةً لضغوط من قطاع صناعة السيارات المحلي، الذي أعرب عن قلقه من المنافسة الأجنبية وتأثيرها على الوظائف والإنتاج المحلي.
في محاولة للتخفيف من حدة القرار وقع الرئيس ترامب إعلاناً تنفيذياً يسمح بمنح تعويضات جزئية لشركات تصنيع السيارات التي تستورد قطع غيار وتقوم بتجميع السيارات داخل الولايات المتحدة، وبموجب هذا الإعلان يتم منح إعفاء جزئي من نسبة من الجمارك على قطع الغيار المستخدمة في السيارات المجمعة محلياً مما يُقلل من العبء المالي على هذه الشركات ويُشجع على تعزيز الإنتاج المحلي.
مع ذلك أثار القرار مخاوف من احتمال ارتفاع أسعار السيارات في الأسواق العالمية، بما في ذلك الدول العربية التي تعتمد بشكل كبير على استيراد السيارات وقطع الغيار، ففي الأردن على سبيل المثال أعرب ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة عن قلقه من تأثير الرسوم الجديدة على أسعار السيارات المستوردة من الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى زيادة في الأسعار المحلية.
من جهة أخرى يرى بعض الخبراء أن هذه الخطوة قد تُشكل فرصة للدول العربية لتعزيز صناعتها المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، فمع تراجع الاعتماد على الواردات، قد تسعى الشركات العالمية إلى نقل جزء من إنتاجها إلى دول تتمتع بميزات تنافسية مثل انخفاض تكاليف الإنتاج وتوافر الأيدي العاملة الماهرة، وهذا قد يُسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة.
في ظل هذه التطورات يبقى من الضروري مراقبة تأثير الرسوم الجمركية الجديدة على الأسواق العالميةوتقييم مدى قدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة دون التسبب في اضطرابات اقتصادية واسعة، كما يتعين على الدول المتأثرة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتكيف مع هذه التغيرات سواء من خلال تعزيز الإنتاج المحلي أو إعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية القائمة.
كما أنه تبدو الأسواق العالمية في حالة ترقب شديد لما ستؤول إليه تداعيات القرار الأمريكي خاصة مع احتمالية أن تلجأ دول أخرى إلى إجراءات مماثلة كرد فعل على السياسة التجارية الجديدة لواشنطن، الأمر الذي قد يشعل فتيل حرب تجارية جديدة في قطاع السيارات، ويرى مراقبون أن استمرار الولايات المتحدة في فرض مثل هذه الرسوم قد يؤدي إلى تراجع حجم التجارة العالمية وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي خصوصًا إذا ما قررت الدول المتضررة فرض رسوم مضادة أو تعديل سياساتها التجارية بما يقلل من اعتمادها على السوق الأمريكي، وهو ما سيعيد تشكيل خارطة التجارة الدولية خلال السنوات المقبلة.