أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" عن نتائجها المالية للربع الأول من عام 2025، حيث سجلت الشركة خسائر بلغت نحو 1.21 مليار ريال، مقارنة بصافي ربح قدره 250 مليون ريال خلال نفس الفترة من العام الماضي، ما يعكس تحولاً ملحوظًا في أداء الشركة المالي خلال عام واحد، وفي حين بدت هذه الأرقام مثيرة للقلق في ظاهرها، فإن النظرة التحليلية للنتائج تكشف عن أسباب محددة، بعضها ظرفي والآخر مرتبط بإجراءات استراتيجية تهدف إلى تحسين الأداء المستقبلي.
ورغم الخسائر المعلنة إلا أن نتائج "سابك" للربع الأول من 2025 أظهرت تحسنًا نسبيًا بالمقارنة مع الربع الرابع من 2024، حيث تراجعت الخسائر بنسبة 36%، إذ كانت قد سجلت في الربع السابق خسائر بقيمة 1.89 مليار ريال، مما يشير إلى بداية مرحلة تصحيحية بدأت الشركة في خوضها بالفعل، وترتبط بشكل مباشر بقراراتها الإدارية الأخيرة لإعادة الهيكلة وترشيد التكاليف.
وأوضحت "سابك" أن سبب تسجيل هذه الخسائر في الربع الأول يعود بالدرجة الأولى إلى انخفاض إجمالي الربح بمقدار 1.05 مليار ريال، نتيجة ارتفاع أسعار مواد اللقيم التي تعد من المدخلات الأساسية في صناعة البتروكيماويات، بالإضافة إلى ارتفاع في المصاريف التشغيلية الأخرى.
ويرجع ذلك إلى تسجيل الشركة تكاليف غير متكررة ضمن مبادرة استراتيجية لإعادة الهيكلة بلغت قيمتها نحو 1.07 مليار ريال، وهي مبادرة تقول الشركة إنها ستسهم على المدى الطويل في خفض التكاليف بقيمة تقدر بنحو 345 مليون ريال سنويًا، إضافة إلى تحسين كفاءة الأداء التشغيلي والإداري.
وما يلفت الانتباه في هذه النتائج هو استمرار نمو الإيرادات، حيث ارتفعت إيرادات "سابك" خلال الربع الأول من 2025 بنسبة 6% مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، لتبلغ 34.59 مليار ريال، ويعزى هذا النمو بالأساس إلى زيادة الكميات المباعة، رغم الانخفاض النسبي في متوسط أسعار بيع المنتجات، ويعد هذا مؤشراً على قوة الطلب على منتجات "سابك" رغم التقلبات السعرية في الأسواق العالمية.
كما أظهرت نتائج الشركة تحسناً في الربحية التشغيلية قبل احتساب مصاريف التمويل والزكاة والضرائب والإهلاك والإطفاء، وذلك بعد استبعاد البنود غير المتكررة مثل تكاليف إعادة الهيكلة، حيث بلغ هذا المؤشر 3.7 مليار ريال في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بـ 3.5 مليار ريال في الربع الرابع من عام 2024، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 7% ويُعد دلالة على تحسن الكفاءة التشغيلية على الرغم من التحديات.
وتعكس هذه المؤشرات أن "سابك" لم تتراجع تحت وطأة الضغوط المالية بل تبادر بتوجيه دفتها نحو إصلاح داخلي شامل، إذ ترى الشركة أن التكاليف الحالية المرتبطة بإعادة الهيكلة هي استثمار استراتيجي طويل الأجل سيعود بالنفع على أداء الشركة مستقبلاً، خاصة أن قطاع البتروكيماويات عالميًا يشهد تحديات كبيرة مرتبطة بتقلب أسعار الطاقة والمواد الخام، إلى جانب التباطؤ الاقتصادي في بعض الأسواق المؤثرة.
وتسعى "سابك" من خلال هذه التحولات إلى تعزيز موقعها الريادي في الصناعة، وضمان استدامة عملياتها في ظل تغيرات السوق العالمية، كما تستهدف الاستفادة القصوى من قدراتها الإنتاجية واللوجستية والتسويقية لزيادة الحصة السوقية وتحقيق قيمة مضافة للمساهمين على المدى الطويل، مع الالتزام التام بالتحول نحو نماذج أعمال أكثر كفاءة واستدامة.
وفي ظل هذه التحديات والقرارات المصيرية، تبقي "سابك" أعين المتابعين والأسواق مفتوحة على تطورات أدائها خلال الفصول القادمة، حيث سيكون من المهم رصد ما إذا كانت إجراءات إعادة الهيكلة ستُترجم فعليًا إلى تحسين في النتائج المالية والتشغيلية، أم أن هناك مزيدًا من التحديات التي قد تؤثر على مسار التحول المنتظر.