في خطوة وُصفت بأنها الأكثر جرأة منذ بداية ولايته الثانية، أصدر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث قرارًا يقضي بخفض عدد كبار الضباط في الجيش الأميركي بنسبة 20%، ضمن خطة شاملة لتقليص القيادات العسكرية العليا وتعزيز الكفاءة القتالية للقوات المسلحة، ويأتي هذا القرار في إطار سياسة إدارة الرئيس دونالد ترامب التي تركز على إعادة هيكلة الجيش بما يتماشى مع أولوياتها السياسية والعسكرية الجديدة.
القرار، الذي ورد في مذكرة رسمية أصدرها هيغسيث، ينص على خفض عدد الجنرالات والأدميرالات ذوي الرتبة العليا (أربعة نجوم) بنسبة 20%، مع تقليص مماثل للرتب العليا الأخرى بدرجة متفاوتة، إذ تشمل الخطة تقليصًا بنسبة 10% في الفروع النظامية، و20% في قوات الحرس الوطني، ولم تتضمن المذكرة تفاصيل دقيقة بشأن آلية تنفيذ التخفيضات أو الإطار الزمني لها، إلا أن الوزير ألمح إلى أن التنفيذ سيتم على مرحلتين.
وفي مقطع مصوّر بثه عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، أوضح هيغسيث أن المرحلة الأولى ستبدأ بخفض عدد الجنرالات من ذوي الرتبة الأعلى، متبوعة بإجراءات مماثلة في صفوف الحرس الوطني، وأشار إلى أن هذه الخطوات ضرورية لتعزيز "الفعالية الاستراتيجية والاستعداد العملياتي" في مواجهة التحديات الجيوسياسية الراهنة والمقبلة.
الوزير الأميركي شدّد في كلمته على أن الهدف من هذه الخطوة لا يتمثل في "معاقبة كبار العسكريين"، بل في "تعظيم الأداء والجاهزية من خلال تقليص البيروقراطية العسكرية التي أثقلت كاهل وزارة الدفاع خلال العقود الماضية"، وأضاف أن الجيش الأميركي سيحافظ على موقعه كـ"أقوى قوة قتالية في العالم" بفضل هذه الإصلاحات.
وتُظهر بيانات وزارة الدفاع أن عدد كبار الضباط من رتبة 4 نجوم في فروع الجيش الأميركي بلغ حتى مارس/آذار الماضي 38 ضابطًا، بينما بلغ إجمالي عدد الجنرالات والأدميرالات في الخدمة الفعلية 817 ضابطًا، ومن المتوقع أن تشمل عملية التقليص نحو 160 من كبار الضباط، ما يعكس حجم التغيير الهيكلي الذي تعتزم الإدارة الأميركية تنفيذه في المؤسستين العسكرية والمدنية.
التحرك الأخير يأتي في سياق سلسلة من الإقالات والتغييرات المثيرة للجدل التي طالت كبار قادة الجيش منذ عودة ترامب إلى سدة الحكم في يناير/كانون الثاني 2025، إذ شهدت الأسابيع الأولى من ولايته الجديدة إنهاء خدمات رئيس أركان الجيش الجنرال تشارلز براون ونائبه في القوات الجوية، بالإضافة إلى عدد من كبار المحامين العسكريين.
وشملت حملة الإقالات كذلك الأدميرال ليزا فرانشيتي، قائدة سلاح البحرية، والأدميرال ليندا فايغن، قائدة خفر السواحل، وهي أول امرأة تتولى قيادة أحد فروع الجيش الأميركي، وبرّرت الإدارة هذه القرارات برغبة الرئيس ترامب في "اختيار فريقه الخاص" من القادة العسكريين، وهي خطوة أثارت مخاوف لدى عدد من أعضاء الكونغرس من تسييس المؤسسة العسكرية.
خلال جلسات الاستماع التي عقدها مجلس الشيوخ قبل تثبيته في منصبه، وعد هيغسيث بالعمل على "تفكيك البيروقراطية داخل البنتاغون"، معتبرًا أن الفعالية لا تأتي بزيادة الأفراد والقيادات، بل بإعادة تنظيم هيكل القيادة بما يخدم الميدان أولًا، وأكد أنه سيتعاون مع القيادات الميدانية لتحديد المواقع التي تتطلب إعادة هيكلة أو تقليص.
إدارة ترامب، التي أعلنت نيتها منذ اليوم الأول لإجراء إصلاحات جذرية في الجيش، بدأت أيضًا في إعداد خطط لتقليص عدد الموظفين المدنيين في وزارة الدفاع، وهو ما يُعدّ تحولًا جذريًا في سياسة القوى البشرية العسكرية الأميركية، وقد اعتبرت أوساط سياسية هذا التوجه مؤشراً على إعادة رسم العلاقة بين السلطة التنفيذية والجيش، بما يخدم الأجندة الاستراتيجية للإدارة الجمهورية.