في تصعيد جديد يُهدد استقرار العاصمة الروسية قبل أيام من أكبر مناسباتها العسكرية، استهدفت مسيرات أوكرانية العاصمة موسكو لليلة الثانية على التوالي، وذلك بالتزامن مع التحضيرات لعرض "يوم النصر" السنوي، المتوقع أن يشهد حضور عدد من زعماء العالم، أبرزهم الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وقال رئيس بلدية موسكو، سيرغي سوبيانين، في منشور على "تليغرام"، صباح الثلاثاء، إن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت ما لا يقل عن 19 طائرة مسيّرة أوكرانية أثناء اقترابها من العاصمة خلال ساعات الليل، في حين أسقطت في الليلة السابقة أربع طائرات مسيّرة أخرى في محيط المدينة، ورغم عدم تسجيل إصابات خطيرة أو أضرار جسيمة، فإن الحطام سقط على طريق سريع رئيسي، مما أدى إلى حالة من التوتر الأمني.
وتم تعليق الرحلات الجوية مؤقتًا في أربعة مطارات بموسكو كإجراء احترازي، بحسب سلطات الطيران الروسية، في خطوة تعكس القلق من احتمال تكرار الهجمات في الأيام القليلة المقبلة، خاصة مع اقتراب موعد الفعالية الوطنية الأهم في روسيا.
ويأتي هذا الهجوم الأوكراني في وقت حساس للغاية بالنسبة للكرملين، إذ من المنتظر أن يصل الرئيس الصيني إلى موسكو يوم الأربعاء في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام، تتضمن مشاركته في احتفالات "يوم النصر" في التاسع من مايو/أيار، وتشكل مشاركة زعيم الصين إشارة قوية لدعم بكين لموسكو في ظل العزلة الغربية المتزايدة.
وإلى جانب شي جينبينغ، من المقرر أن يحضر الاحتفالات كل من الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، ورئيس فيتنام تو لام، والزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، مما يُكسب الحدث طابعًا دوليًا رغم محاولات الغرب الحدّ من رمزيته السياسية.
ويُعدّ "يوم النصر" بمثابة مناسبة مقدسة في الروزنامة الروسية، إذ يحرص الرئيس فلاديمير بوتين على استثماره سنويًا لإظهار القوة العسكرية الروسية واستحضار الدور التاريخي للاتحاد السوفيتي في هزيمة النازية خلال الحرب العالمية الثانية، ويُتوقع أن يتوافد الآلاف إلى الساحة الحمراء في قلب موسكو، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وفي خطوة وُصفت بأنها تحمل طابعًا إنسانيًا، أعلن بوتين في وقت سابق وقفًا أحادي الجانب لإطلاق النار في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام بالتزامن مع الاحتفالات، وهو ما قوبل بشكوك كبيرة من الجانب الأوكراني، وردًا على المبادرة الروسية، دعا البيت الأبيض إلى "وقف دائم لإطلاق النار" باعتباره الطريق الوحيد لتسوية النزاع المستمر.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتقد المبادرة الروسية واعتبرها غير كافية، معلنًا استعداده لبحث هدنة تمتد 30 يومًا على الأقل، مع التأكيد على أن كييف لن تقدم تنازلات تتيح لبوتين تحسين صورته أمام ضيوف الاحتفال، وفي تصريحات صريحة، قال زيلينسكي إن بلاده "غير مسؤولة عما قد يجري على الأراضي الروسية" في ظل استمرار الحرب.
وفي رسالة مباشرة إلى القادة المشاركين في احتفالات "يوم النصر"، حذر زيلينسكي من مغبة تجاهل الواقع الميداني، ورفض ما وصفه بـ"اللعب من أجل إخراج بوتين من عزلته"، مشيرًا إلى أن أي حضور رسمي في هذه الفعالية "سيُفسَّر كدعم غير مباشر للعدوان الروسي".
وفي تصعيد دبلوماسي إضافي، كشف زيلينسكي مؤخرًا أن القوات الأوكرانية أسرت مقاتلين صينيين يقاتلون إلى جانب روسيا في أوائل أبريل/نيسان، وادعى أن عددًا كبيرًا من الصينيين يشاركون في القتال، بكين، من جهتها، نفت أي مشاركة رسمية أو دعم عسكري، وكررت دعوتها للمواطنين الصينيين بالامتناع عن الانخراط في النزاع.
وفي سعي منها لمعادلة التفوق الروسي في العتاد والعدد، لجأت أوكرانيا إلى تكثيف استخدام الطائرات المسيّرة، وهو ما تجسد مؤخراً بإعلانها، يوم الأحد، إسقاط مقاتلة روسية من طراز "Su-30" في البحر الأسود باستخدام مسيّرة بحرية، فيما يُعدّ أول استخدام ناجح لهذا النوع من الطائرات في هجوم بحري مباشر.