أحمد الشرع
زيارة تاريخية: رئيس سوريا الانتقالي في قصر الإليزيه
كتب بواسطة: تميم بدر |

في تحرك دبلوماسي هو الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة السورية قبل أكثر من عقد، أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيستقبل، يوم الأربعاء، نظيره السوري الانتقالي أحمد الشرع، في أول زيارة رسمية لرئيس سوري إلى أوروبا منذ سنوات، الزيارة، التي وصفها مراقبون بأنها لحظة فارقة، تعكس تحولًا كبيرًا في المواقف الغربية إزاء السلطة الجديدة في دمشق بعد إسدال الستار على عهد حزب البعث وعائلة الأسد.

وذكرت الرئاسة الفرنسية، في بيان رسمي، أن اللقاء سيتركز حول دعم فرنسا لمرحلة إعادة بناء سوريا، بما يضمن قيام دولة حرة، مستقرة، ذات سيادة، تحترم كافة مكونات المجتمع السوري، ويأتي هذا اللقاء في سياق التأكيد على التزام فرنسا التاريخي تجاه الشعب السوري وتطلعاته إلى السلام والديمقراطية، حسب ما ورد في البيان.

وأكد قصر الإليزيه أن الرئيس ماكرون سيكرر خلال الاجتماع مطالبه الواضحة للحكومة السورية الجديدة، وعلى رأسها ضمان استقرار المنطقة، وخصوصًا في ما يتعلق بلبنان، إضافة إلى التزام دمشق بمحاربة الإرهاب، واحترام حقوق الإنسان، وتأمين ظروف آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

يُذكر أن ماكرون كان قد وجّه دعوة رسمية إلى الشرع مطلع فبراير/شباط الماضي، عقب إعلان فصائل سورية المعارضة سيطرتها على البلاد، إلا أن الدعوة اقترنت في مارس/آذار بشرط تشكيل حكومة تمثل جميع أطياف المجتمع السوري، بما في ذلك مكونات المجتمع المدني، إضافة إلى تقديم ضمانات أمنية حقيقية لعودة النازحين.

وجاءت زيارة الشرع في توقيت دقيق، إذ تزامنت مع الذكرى السنوية الأولى لسقوط النظام السوري السابق، بعد أكثر من 61 عامًا من حكم حزب البعث، بينها 53 عامًا كانت فيها عائلة الأسد في سدة الحكم، وتحديدًا منذ تولي حافظ الأسد السلطة عام 1971، ثم ابنه بشار الأسد عام 2000 وحتى 2024.

وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، أنهت الفصائل السورية المسلحة سيطرتها الكاملة على البلاد، وأعلنت عن تأسيس مرحلة انتقالية جديدة بقيادة أحمد الشرع، الذي تم تنصيبه رئيسًا مؤقتًا للبلاد لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات، بهدف الإشراف على إعادة بناء مؤسسات الدولة، ووضع دستور جديد، والتحضير لانتخابات ديمقراطية.

منذ تولّيه المنصب، يحاول الشرع إرسال رسائل طمأنة إلى المجتمع الدولي، مركّزًا على أهمية حماية الحريات العامة، وضمان حقوق الأقليات، والالتزام بالمعايير الدولية في الحكم والإدارة، وقد سعت حكومته إلى تطبيع العلاقات الخارجية تدريجيًا مع الدول الأوروبية والعربية، رغم استمرار فرض عقوبات اقتصادية على دمشق من قبل عدد من العواصم الغربية.

وتعد زيارة باريس خطوة رمزية كبرى في هذا المسار، إذ تُعد فرنسا من أبرز الدول الغربية التي عارضت نظام بشار الأسد منذ بداية الثورة السورية، كما أنها لعبت دورًا فاعلًا في دعم المعارضة دبلوماسيًا وإنسانيًا، وبالتالي، فإن استضافة ماكرون للشرع تُفسّر على أنها رسالة دعم سياسية للرؤية الجديدة في دمشق، وفرصة لإعادة بناء الثقة المتبادلة.

ومن بين الملفات التي سيُناقشها الرئيسان أيضًا، مسألة رفع العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا، والتي فُرضت أثناء حكم الأسد، إذ يرى الشرع أن استمرار هذه العقوبات يُعيق عملية إعادة الإعمار، ويؤثر سلبًا على أوضاع المدنيين داخل البلاد، ومن المتوقع أن يناقش الجانبان خطوات تدريجية لتخفيف القيود، وفقًا لمدى التزام الحكومة السورية الجديدة بالإصلاحات السياسية المطلوبة.